البابا: مفوضية الانتخابات والرئاسي لهما صلاحيات تنفيذ الاستفتاء حال عدم إقراره في البرلمان

0

حوار: ماري جرجس

علق مجلس النواب الليبي، في جلسته الأخيرة التصويت على قانون الاستفتاء على الدستور الدائم للبلاد، إلى ما بعد عيد الأضحى، وفي حوار خاص مع صحيفة “المتوسط” تحدثنا بشكل خاص مع د.إبراهيم البابا عضو هيئة صياغة الدستور عن دائرة بنغازي، الدائرة الفرعية توكرة عن تفاصيل مشروع قانون الاستفتاء على الدستور ومهام الهيئة صياغة الدستور.

إلى نص الحوار…

مجلس النواب لديه إشكاليات كبيرة في مسألة التشريع عموماً وإصدار قانون الاستفتاء على الدستور بشكل خاص، وفي حال عجز مجلس النواب عن إصدار قانون الاستفتاء كما هو مقرر في الأيام القليلة القادمة يجب البحث بشكل جدي عن بدائل لأنه في هذه الحالة سيكون هناك انسداد تشريعي حقيقي.

كل التفاصيل الخاصة للقيام بعملية الاستفتاء على مشروع الدستور موجودة في الإعلان الدستوري مثل الأغلبية المطلوبة وليبيا دائرة واحدة، وبالتالي بإمكان المجلس الرئاسي إصدار لائحة تنفذ عملية الاستفتاء وهذا الاختصاص منصوص عليه في الاتفاق السياسي وأيضا يمكن للمفوضية القيام بذلك، خصوصاً وأن التعديل السابع للإعلان الدستوري المؤقت في النقطة 12 من المادة (1) لم ينص على أن هناك قانون للاستفتاء بينما في نفس النقطة أي النقطة 12 من المادة (1) نص على إصدار مجلس النواب قانون الانتخابات العامة وبمفهوم المخالفة فإن الاستفتاء لا يحتاج قانون، فلو كان في نية المشرع أن هناك قانون لذكره صراحة على غرار قانون الانتخابات العامة.

المشكلة التي تواجه مجلس النواب ليست فقط إصدار قانون الاستفتاء بل أيضا إصدار القوانين الخاصة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفق الدستور الجديد في حال الاستفتاء عليه بنعم، فالمجلس بوضعيته الحالية ليس لديه القدرة على أداء هذا الدور على الإطلاق.

هناك قلة من أعضاء مجلس النواب يماطلوا ويفتعلوا المشاكل لزيادة عمر عمل مجلس النواب. كما هو معلوم أن جميع المؤسسات الموجودة حالياً تنتهي بإعتماد الدستور الدائم وبناءً عليه يتم انتخاب سلطات تنفيذية وتشريعية دائمة لتنتقل ليبيا إلى الاستقرار والسيادة والتنمية.

للأسف الشديد هناك العديد من المعارضين لمشروع الدستور لم يطلعوا عليه أصلاً بل يتم الإستماع إلى بعض وسائل الإعلام التي يملكها أشخاص ليس من صالحهم أن يكون هناك دستور دائم واستقرار للدولة الليبية. بشكل عام نحن ما يهمنا هو احترام المسار الدستوري التأسيسي الذي تم رسمه بعد 2011، ونحن الآن في نهايته والذي يبدأ بإنتخاب هيئة تأسيسية تعتمد مشروع دستور ويستفتى عليه الشعب ليكون دستور دائم، وهذا ما نصت عليه الفقرة 12 من المادة (1) من التعديل السابع للإعلان الدستوري الموقت “بمجرد انتهاء الهيئة التأسيسية من صياغة مشروع الدستور يطرح للاستفتاء عليه بنعم أو لا خلال ثلاثين يوما من اعتماده” وفي نفس النقطة  “فإذا وافق الشعب الليبي على المشروع بأغلبية ثلثي المقترعين تصادق الهيئة على إعتباره دستورا للبلاد ويحال إلى مجلس النواب لإصداره”

فلن يكون من اختصاص أي جهة أن تعترض عليه بعد اعتماده من الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور والشعب هو الفيصل من خلال الاستفتاء بأغلبية ثلثي المقترعين المنصوص عليها في التعديل.

لن يمر أي مشروع دستور وفق لنص المادة (6) فيجب أن ينال مشروع الدستور ثقة الشعب وأن يكون التصويت بدائرة واحدة، ما الحل لهذه الاشكالية؟

نجد أن هناك خلافات حول المادة (6) من مشروع قانون الاستفتاء على الدستور المعروض من مجلس النواب وهذه الخلافات حول المادة (6) المقترحة في قانون الاستفتاء والتي تنص على ” ينال مشروع الدستور ثقة الشعب إذا صوت له بـ (نعم) أغلبية ثلثي الأصوات الصحيحة للمقترعين الليبيين ونسبة لا تقل عن واحد وخمسون بالمائة (51%) من المسجلين بسجلات المفوضية بكل دائرة من الدوائر الثلاث …” حيث أن النص على (51%) من المسجلين بسجلات المفوضية وليس المقترعين يجعل اعتماد أي مشروع دستور مستحيل، وهذا شرط تعجيزي آخر وغير دستوري أيضاً يضاف إلى شرط الـ (51%) من الدوائر الثلاث. وفق التعديل السابع فإن الاستفتاء على مشروع الدستور يكون فيه الدولة الليبية دائرة واحدة، فلم يتم تقسيم الدولة إلى ثلاث دوائر وايضاً لم يذكر نسبة 51% وهذا مخالف لهذا التعديل.

بخصوص “ضمان التوزيع العادل لموارد البلاد”، قد تمت دسترتها في مشروع الدستور المعتمد من الهيئة التأسيسية وبشكل تفصيلي من خلال المادة 164 فقرة 2 التي نصت على أن توزع الإيرادات الوطنية بشكل عادل ومنصف بين مستويات الحكم الوطني والمحلي بما يراعي الكثافة السكانية وتوزيع السكان في الوحدة المحلية وبعدهم عن المركز ومستوى البنية التحتية والخدمية ومؤشرات التنمية المكانية والبشرية المتوازنة، وأيضاً من خلال المادة 171 التي نصت على تمييز إيجابي لمناطق الإنتاج بتخصيص جزء من إرادات الخزانة العامة لتمويل مشاريع تنموية بديلة للثروات الغير متجددة (النفط والغاز و…) بمناطق إنتاج هذه الثروات وفق إمكانياتها المكانية ووفق قانون يصدر في أول دورة انتخابية.

تعتبر إرادات النفط والغاز هي المصدر الرئيس لإرادات الدولة الليبية لذلك فقد خصصت الهيئة التأسيسية باب خاص بها وهو باب الموارد الطبيعية لذكر بعض التفاصيل حول ملكية وإدارة النفط والغاز وتمييز إيجابي لمناطق إنتاجهما وتخصيص نسبة من عوائد النفط والغاز وغيرهما من الثروات الطبيعية لصالح الأجيال القادمة، أيضاً كان هناك نصوص أخرى لها علاقة بالنفط والغاز متفرقة في أبواب مشروع الدستور الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، فالقوانين الخاصة بالنفط والغاز تخضع لرقابة مجلس الشيوخ أي يتطلب إقرارها موافقة المجلسين كلاً على حدة (المادة 79).

من أهم المواد الخاصة بالنفط والغاز بمشروع الدستور ما يلي:

الثروات الطبيعية بما فيها النفط والغاز ملك للشعب الليبي (المادة 169).

تعرض العقود والاتفاقيات المتعلقة بالنفط والغاز على مجلس الشيوخ للمصادقة عليها (المادة 170).

تخصيص جزء من ارادات الخزانة العامة لتمويل مشاريع تنموية بديلة للثروات الغير متجددة (النفط والغاز وغيرهما) بمناطق إنتاج هذه الثروات وفق امكانياتها المكانية ووفق قانون يصدر في أول دورة انتخابية (المادة 171).

تخصص بقانون نسبة من عوائد الثروات الطبيعية (النفط والغاز وغيرهما) لصالح الأجيال القادمة (المادة 172).

مشروع الدستور مبني على مبدأ التوازن في كافة ابوابه ومواده. على سبيل المثال هو متوازن من ناحية معياري السكان والجغرافيا ومتوازن من ناحية السلطات الوطنية الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية ومتوازن ايضاً من ناحية السلطة الوطنية والسلطات المحلية. أيضا اهم مبدأ نص عليه مشروع الدستور في المادة (7) وهو مبدأ المساواة بين المواطنين والمواطنات في القانون وامامه لا تمييز بينهم وفق احكام هذا الدستور بل أعطى تمييز إيجابي للمكونات والمرأة والشباب ومناطق الإنتاج والمناطق المهمشة وغيرها.

أولا: معرفة بخلفية صناعة النص الدستوري

ثانيا: قراءة النصوص يجب أن تكون كوحدة واحدة، ولا يقرأ كل نص منفردا عن الأخر.

ثالثاً: مقارنة هذه النصوص بتجارب دستورية أخرى مع الأخذ في الاعتبار الخصوصية الليبية.

أن المسار التأسيسي في ليبيا شارك الشعب في كافة مراحله وهي تجربة فريدة من نوعها، فالهيئة منذ بدايتها هي تمثل الشعب فهو من انتخبها. بالإضافة إلى ذلك فقد قامت الهيئة بزيارة عديد المناطق وعلى رأسها فزان فزارت سبها والشاطئ وتراغن ووادي الآجال وأوباري وغات وغدامس، وقامت بالاستماع إلى آرائهم، بالإضافة إلى كل مناطق ليبيا وتم تدوين ملاحظاتهم. وفقد قامت الهيئة بلقاءات عديدة حتى مع المهجرين والجالية الليبية في الخارج في تونس ومصر. وقد وصل إلى الهيئة أيضاً ألاف المقترحات وقامت الهيئة التأسيسية في مقرها بمدينة البيضاء بالالتقاء بالعديد من النشطاء ومنظمات المجتمع المدني والمكونات والمدن والبلديات من كافة ربوع ليبيا وكل شيء موثق. خلال هذه الفترة أصدرت الهيئة التأسيسية أكثر من خمس مسودات وفي كل إصدار مسودة يرجع الأعضاء للتشاور مع دوائرهم وتقام ورش العمل الداخلية والخارجية ويتم الالتقاء مع خبراء محليين ودوليين لتقيم المسودة الصادرة وقد كانت هناك مشاركة كبيرة من مراكز أبحاث محلية تتبع بعض الجامعات الليبية مثل جامعة بنغازي وطرابلس. بعد ذلك في يوم السبت الموافق 29 يوليو 2017 اعتمدت الهيئة مشروع الدستور وفق النصاب المنصوص عليه في الإعلان الدستوري.

المرحلة الثالثة والاخيرة من مشاركة الشعب في اعتماد دستور هي عبر الاستفتاء وبأغلبية الثلثين. إن الاستمرار في المراحل المؤقتة سيساهم في استمرار الفوضى والفساد لذلك فإن الذهاب إلى إعتماد مشروع الدستور عبر الاستفتاء ومن ثم انتخاب سلطات تنفيذية وتشريعية وتوحيد كافة مؤسسات الدولة وخاصة السيادية وفقاً لهذا الدستور هو الخيار الوحيد لضمان الأمن والاستقرار والتنمية للدولة الليبية ولإنقاذها من الانزلاق نحو مزيد من التأزم.

بالتأكيد، هناك ضغوطات كبيرة تعرض ويتعرض لها أعضاء الهيئة التأسيسية خصوصاً بعد اعتماد مشروع الدستور، وخير شاهد على ذلك ما تعرض له أعضاء الهيئة يوم التصويت من ضرب وإهانات وحصار لأكثر من خمس ساعات في مقر الهيئة بمدينة البيضاء يوم اعتماد مشروع الدستور والحملة الإعلامية الشرسة من بعض وسائل الإعلام في الفترة التي تلت يوم الاعتماد إلى الآن، والهدف من ذلك هو عرقلة المسار الدستوري للدولة الليبية الذي ينتج عنه سلطات ومؤسسات وفق دستور دائم ينهي المراحل المؤقتة التي جلبت الفوضى والفساد.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا