«سلامة» يترحم على «دكتاتورية القذافي».. ومليشيات طرابلس تقود ليبيا للهاوية

0

اخبار ليبيا

«ليبيا بلد تشظى إلى ألف قطعة».. جملة تحمل من المآسي والضبابية الكثير، ربما أطفأت حروفها بصيص أمل ينتظره ملايين الليبيين داخل الدولة وخارجها لعودة وطنهم المفقود بين صراعات السياسة واستراتيجية البقاء للأقوى، كلمات جاءت على لسان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، الدكتور غسان سلامة، في حديثه إلى مجلة «إيملي» الفرنسية.

بكاء على زمن «الديكتاتورية»

رسم «سلامة» مشهدا ضبابيا للحالة الليبية، وعزا هذا التشظي إلى الحرب التي استهدفت ليبيا من قبل دول الناتو وبعض الدول الخليجية، هذا العدوان الذي أنهي ما سماها «الديكتاتورية»، لكن هذه الدكتاتورية كما أكد المبعوث الأممي «حافظت على استقرار بلد ليبيا بحجم فرنسا ثلاث مرات».

وسجل «سلامة» من واقع التجربة عجز وعدم قدرة من جاءوا بعد أحداث فبراير 2011، في إدارة دولة ليبيا،  لأن أيا من هؤلاء لا يعرف بالضبط كيف يحل محل «القذافي»، ورسم ملمحا قاتما، بقوله «أعتقد أن الأمر سيستغرق جيلاً على الأقل لإعادة بناء ليبيا وجعل الأمور أفضل».

عندما يعترف «سلامة» في إحاطته الدورية إلى مجلس الأمن الدولي، عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة «فيديوكونفرانس» من مقر البعثة في العاصمة طرابلس، أن الشعب الليبي يتلهف «إلى التخلص من الفوضى التي لازمت مؤسساته»، فهو يقر بأن ليبيا تعيش حالة فوضى، ليصبح فيها الحديث عن دولة حديثا مجازيا ليس إلا.

نتائج كارثية

إذا كان هذا التشظي وهذه الفوضى هي نتاج تدخل الناتو ودول أخرى، لكن هناك أطراف ليبية هي المسؤولة عن تعميق هذه الفوضى واستمرارها، بحيث باتت هي المظهر العام في ليبيا بكل نتائجها الكارثية؛ خلال سنوات ما بعد 2011.

المسئولون عن هذه الفوضى المستمرة حتى الآن هو من جعل صحيفة «الإندبندت» البريطانية تقول في تقرير لها الأربعاء 18 يوليو «أن ثروة الموارد الطبيعية كانت بمنزلة “اللعنة” على البلاد التي يعيش ثلث سكانها حالة من الفقر على الرغم من أن أرضها غنية بالذهب الأسود».

وذكرت الصحيفة البريطانية أن ليبيا احتلت المرتبة الـ9 من أسفل تقييم الفساد الذي يضم 180 دولة، بحسب مؤشر الفساد من منظمة الشفافية الدولية، فكانت نتيجة استشراء الفساد في دولة غنية بثرواتها أن أوردت الصحيفة أن المواطنين كانوا الضحية الأولى للصراعات، إذ تردّت أوضاعهم المعيشية إلى مستويات غير مسبوقة. 

ثنائية الفساد والفوضى

وفي ظل ثنائية الفساد والفوضى كمحصلة للتدخل الخارجي وبؤس من قادوا المرحلة، أن جعلت «سلامة» يعترف في إحاطته أن هناك “قلة قليلة من الناس تريد أن تسيّر الرياح عكس ما تشتهي السفن. وأقصد هنا القلة المستفيدة من الوضع الراهن، التي إذا تُرك لها الحبل على الغارب، لن تدخر جهداً لتعطيل سير الانتخابات. وللأسف هم قادرون على فعل الكثير خصوصاً وأنهم يتقلدون مناصب رسمية حيوية غالباً ما تدر عليهم أرباحاً طائلة.”  والحديث لسلامة.

لكن يبدو أن المشكلة لدى «سلامة» تكمن في التشخيص، حيث لا معنى لحشر تعبير “قلة قليلة”، بمعنى الاستهانة إذا كانوا “قادرين على فعل الكثير”، أمنيا واقتصاديا وسياسا.

كارتل المليشيات

دراسة الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية «وولفرام لاخر»، تؤكد أن هذه القلة القليلة حسب «سلامة»، أصبحت «كارتل» احتكاريا أمام أنظار ومسامع المجلس الرئاسي، ولم تعد الميليشيات عبارة عن مجموعات مسلّحة تمارس نفوذها باستخدام القوّة العارية، إذ نمت هذه المجموعات لتصبح شبكاتٍ تسللت إلى أروقة السياسة والإدارة والأعمال.

ولعبت مخططات الاحتيال التي تدور حول الاعتمادات المستندية دوراً رئيسياً في إحداث هذا التطوّر. وربط رجال الأعمال أنفسهم بقادة الميليشيات للاستفادة من احتيالات الاعتمادات المستندية، ليقوموا بعد ذلك باستثمار جزءٍ من أرباحهم في المجموعة المسلّحة التي تحالفوا معها.

وبات الإطار القانوني الناظم للاعتمادات المستندية أكثر تعقيداً بسبب تشديد البنك المركزي للرقابة، كما قامت وزارة الاقتصاد التابعة لحكومة الوفاق الوطني بتشكيل لجنة للإشراف على الإجراءات المرتبطة بالاعتمادات المستندية، وقام ديوان المحاسبة بتعليق عددٍ متزايد من الاعتمادات المستندية الموافق عليها.

وتوجّب على جميع الجهات الفاعلة المرتبطة بانتهاكات الاعتمادات المستندية فرض نفوذها على تلك المؤسسات المختلفة وفي فروع البنوك وإدارة الجمارك لمتابعة نشاطاتها. 

انتخابات في حضرة الفوضى!

ثم يأتي «سلامة» ليقول إن «قرار إجراء الانتخابات صائباً ما لم تهيأ الظروف المناسبة، وما لم يتم إرسال رسائل واضحة وقوية لكل من تسول له نفسه أن يعطل الانتخابات أو يعمل على إفشالها، لن يكون بالإمكان تهيئة هذه الظروف».

ويعود «سلامة» ليقول «البلاد، في الواقع، آخذة في التراجع، إذ أتاحت لنا الأزمة في الهلال النفطي لمحة عما تخبئه لنا الأيام ما لم يتم إحراز تقدم ملموس الآن، ويشمل ذلك انهيار اقتصادي وتدهور الخدمات العامة واندلاع أعمال عنف بتواتر أكبر وعنف متزايد».

في بلد يتربص به الإرهابيون، وحيث ينتظر المجرمون تهريب المهاجرين وتتزايد أعداد المرتزقة الأجانب، وتقف صناعة النفط على المحك، يجب أن يكون هذا مصدر قلق للجميع.

وإذا كان البلد يعيش حالة فوضى من جانب؛ ويتربص به الإرهابيون من جانب آخر، وتتحكم في قراره المدعوم دوليا كارتل المليشيات، فكيف يمكن ربط إحراز أي تقدم سياسي بانعدام النشاط العسكري على الأرض؟

ولكن من يضمن عدم قيام ذلك، ثم هل هناك حل سياسي والحال هذه؟ في وقت تستحوذ فيه المليشيات عمليا على القرار السياسي والمالي، ونشرت عناصرها في مفاصل المؤسسات المختلفة، وتحكم قبضتها على عدد من المدن في المنطقة الغربية، وتقيم علاقات مباشرة مع الدول.

ثم يأتي «سلامة» ليقول «إنه لا يمكن تسوية وضع المليشيات في عام واحد». ليكون السؤال عندها، أي حل سينتج في ظل هذه المليشيات التي كانت سببا مباشرا للخراب الذي لحق بليبيا؟ 

وحدة الموقف الدولي

ويلمح «سلامة» في ختام إحاطته ضرورة وحدة الموقف الدولي من الحل في ليبيا، حيث يجري التنافس بين فرنسا وإيطاليا وفق رؤيتين مختلفتين للحل، لذلك قال سلامة، «وعليه إذا ما أردنا تفادي ذلك ودعم الشعب الليبي لرسم مسارٍ للمستقبل الذي يستحقه، فإن الدعم الموحد لهذا المجلس والدول الأعضاء المعنية بليبيا ومنظماتنا الإقليمية الشريكة أمر بالغ الأهمية».

 

 

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا