كلمة روما الأخيرة .. تجاوز مؤتمر باريس.. ولا انتخابات عام 2018

0

اخبار ليبيا _ محمد سيد

فيما تُغَّيب ليبيا عمداً، يُعقد اجتماع دولي في روما لبحث مستقبل ليبيا، والذي يبدو أن الحاضرين اعتبروها تحت الوصاية ، ولذلك اجتمعوا ليقرروا نيابة عنها، كيف يكون مستقبل ليبيا والليبيين.

السبب في العامل الذاتي

جوهر المسألة أن حاالة السيولة الأمنية والسياسية وعدم وجود جهة ليبية، تملك العزم والإرادة المستقلة؛ لوضع حد لهذا العبث والتطاول؛ من قبل هذه الدول في تقرير مستقبل ليبيا نيابة عن الليبيين، وهو تجلي صارخ للقصور في العامل الذاتي.

ومن المحزن أن تكون ليبيا بما تملك من قدرات، بمثابة كرة بين أقدام اللاعبين في باريس وروما وغيرها، في حين كانت طرابلس قبل ثماني سنوات “محجا” لزعماء تلك الدول الغربية قبل عام2011، عندما كانت طرابلس حاضرة كقوة إقليمية بالمعني السياسي والاقتصادي، وبما لها أيضاً من قوة ناعمة هائلة في القارة السمراء ولدى العديد من دول العالم.

تلك القوة والحضور لم تكتسبها ليبيا آنذاك لقدراتها العسكرية وكثافتها السكانية، ولكن لأن العامل الذاتي الليبي حينها كان عاملاً مقرراً، ويبدو أن غيابة الآن، هو ما شجع تلك الدول؛ على أن تتعامل مع ليبيا  بهذه الخفة، حتى بدت وكأنها غير موجودة.

حتى أنت يا بيروني

والمحزن أن البعض الليبي تقبل أن يقف في هذا المكان الذي وُضع فيه، حتى بات  السفير الإيطالي في طرابلس جوزيبي بيروني  هو الذي يتحدث عن ليبيا المغيبة، حيث عبر عن سعادته لرؤية المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة “في روما في زيارة عمل اعتبرها بيروني”حساسة”.

السفير بيروني قال في تغريدة له بموقع “تويتر” أنه جرى خلال الزيارة التشديد على “اهتمام الحكومة الإيطالية بجعل خطة عمل الأمم المتحدة من أجل ليبيا محور جميع الجهود الدولية والتعبير عن الدعم لسرعة استئناف العمل الاعتيادي للمؤسسة الوطنية للنفط في الهلال النفطي”.

سلامة وميزة الاستعمار

ومن جانبه “باع” سلامة إيطاليا موقفاً لا يملك التقرير فيه، عبر استحضار فترة الاستعمار الإيطالي التي  سماها ” الأسباب التاريخية”، والتي من شأنها حسب سلامة أن تعطي إيطاليا الأولوية في الشأن الليبي،  في حين أن الليبيين هم وحدهم هم من يقرر الحدود التي يجب أن تقف عندها إيطاليا وغيرها من الدول.

عندما قال سلامة  “لأسباب جغرافية وتاريخية واضحة، لا يمكن لإيطاليا أن تظل غير مبالية بما يحدث في ليبيا”، لذا “فهناك أسباب خاصة تجعل إيطاليا تتابع بدقة ما يحدث في هذه الدولة” مضيفا “لا يجب على أي شخص أن يرى في ليبيا تهديداً للدول المجاورة”.

الانقلاب على مخرجات باريس

وفيما تعتبر دعوة لتجاوز اتفاق باريس، قال وزير الخارجية الإيطالي إينزو موافيرو ميلانيزي  “نحن نعتقد أن الشعب الليبي ومؤسساته الأوسع تمثيلاً، ( بمعني ليس مؤتمر باريس)، هي التي من شأنها أن تقرر متى يجب دعوة البلاد للانتخابات”.

وهو خطاب موجه لبعض الأطراف في ليبيا خاصة مصراته وربما الزنتان، ولذلك أشار الوزير الإيطالي إلى التأجل، بمعنى تجاوز المواعيد التي حددها مؤتمر باريس.

وجاء ذلك خلال  جلسة استماع لبرنامج الوزير موافيرو أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، حيث شدد على أنه “لا يمكن أن يكون مؤتمراً أو قوة أجنبية من يقرر الموعد”، الذي يجب أن تتم فيه الإنتخابات.

الوزير الإيطالي يرد على باريس بأن المواعيد التي حددها مؤتمر باريس لا يمكن أن تقرر خريطة الطريق للحل السياسي في ليبيا، سواء لجهة أن القوى الأجنبية هي التي حددت ذلك، وأن ذلك كان في مؤتمر، ومن كرم الوزير الإيطالي أنه هو من يقرر ما يصلح لليبيين، كونه اعتبر نفسه صاحب قرار في ليبيا ، وفقا لما قاله مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة ” استناداً إلى الجغرافيا والتاريخ ” أي التاريخ الاستعماري بالطبع.

ولا شك أن الوزير موافيرو وهو يضع العصي في دواليب الخطة التي قُررت في باريس في 29 أيار ( مايو) الماضي ، كان يقول لبعض الأطراف المعارضة  لتلك الخطة من قوى ليبية نحن أيضا معكم .

لا انتخابات هذا العام

ويبدو أن إيطاليا قد هيأت الظروف لدفن المبادرة الفرنسية التي كان جوهرها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل العاشر من كانون أول (ديسمبر)2018 ،  وهو ما تمخض عنه اجتماع دول (3+3) حول ليبيا، الذي عقد الاثنين بمقر وزارة الخارجية في العاصمة الإيطالية روما، بمشاركة ممثلين عن حكومات الدول الثلاث الأعضاء في مجلس الأمن (الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا) وإيطاليا ومصر والإمارات، بحضور ممثلين عن حكومات الجزائر وتونس والمغرب والمملكة العربية السعودية، بصفة مراقب، الذبن  توافقوا على إرجاء تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تدفع الدبلوماسية الفرنسية باتجاه إجرائها قبل نهاية العام الجاري في وقت واحد، على أن تجرى انتخابات برلمانية فقط خلال النصف الأول من العام القادم.

غياب الموقف الليبي

اجتماع روما هو بمثابة مسار آخر لليبيا في غياب الليبيين، وحتى الآن لم نسمع على الأقل، ما هو الرأي الرسمي لحكومة الوفاق من نسف لفكرة الانتخابات قبل نهاية العام، كونها الحكومة التي يتعامل معها المجتمع الدولي على أساس أنها الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا.

أم أن الإطاحة بموعد الانتخابات قد حقق لحكومة الوفاق رغبة كانت تريدها؟ كون التأجيل وإلى أجل غير مسمى قد مد ولايتها عدة أشهر أخرى، بحيث يستمر الفشل وتراجع الحل السياسي.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا