وساطة روسيا لحل النزاعات بالشرق الأوسط.. هل تؤهلها للمساعدة في حل الصراع الليبي؟

0

اخبار ليبيا _ محمد السيد

شكراً لروسيا، فبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مرتفعات الجولان تعمل مرة أخرى، حيث بدأ أفراد قوات حفظ السلام القيام بدوريات إلى جانب الشرطة العسكرية الروسية بعد فترة توقف طويلة استمرت منذ عام 2014، وسيتم إنشاء ثماني نقاط مراقبة روسية مأهولة مقابل مواقع الأمم المتحدة “لاستبعاد الاستفزازات المحتملة”، على أن يتم تسليم هذه النقاط في نهاية المطاف إلى القوات الحكومية السورية.

ذلك وفقاً لمقال رصدته وترجمته صحيفة “المتوسط” دون حذف أو تحريف بقلم أركادي سافيتسكي. على موقع (ستراتيجيك كالتشر فاوندايشن).

إن إحياء بعثة الأمم المتحدة هو رمزي، وقد يُنظر إليه على أنه الخطوة الأولى في البلد نحو تسوية سلمية في إطار دولي على الرغم من فشل المحادثات التي تتوسط فيها الأمم المتحدة في جنيف.

لقد أعادت روسيا الأمم المتحدة إلى سوريا، مما منع حدوث صراع محتمل بين القوات الإسرائيلية والإيرانية. وهذا نجاح مهم للغاية يوضح مدى الثقة العالية التي تتمتع بها روسيا من جميع الأطراف المتورطة في الصراع.

أثار النجاح الروسي في سوريا إعجاب العميد أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة بلقاسم حفتر، حيث طلب المسماري تدخلاً روسيًا في ليبيا “للتخلص من اللاعبين الأجانب في البلاد”.

ويريد المسماري مساعدة موسكو في تنظيم انتخابات على مستوى البلاد، وذكر المسماري أن” الشعب الليبي يبحث عن حليف قوي مثل روسيا. ”

وأشار المسؤول الليبي إلى أن جميع الضباط العاملين في الجيش الوطني الليبي تقريباً، وكذلك المتقاعدين، قد تدربوا في روسيا.

تبلغ مساحة ليبيا حوالي 1.8 مليون كيلومتر مربع (700000ميل مربع) ، وهي رابع أكبر دولة في أفريقيا ، وهي الدولة السادسة عشرة في العالم ، وتضم عاشر أكبر احتياطيات نفطية واسعة, غير إنها غرقت في صراع بين حكومتين متنافستين منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 بعد تدخل بقيادة الناتو.

البلاد اليوم لديها مجموعة من المشاكل للتغلب عليها، مثل التنافس بين إدارتيها المتنازعتين، والقتال الداخلي بين مختلف الفصائل المسلحة، والقبائل، والمدن، والاقتصاد المدمر، والتدفق غير المسيطر عليه من الأسلحة.

وتجدر الإشارة إلى أن الجيش الوطني الليبي رد القوات الجهادية من خلال هجوم لاستعادة الاستقرار في ظل حكومة موحدة، وينتمي هذا الجيش إلى أحد الطرفين المتنافسين من أجل السيطرة على ليبيا ، حيث يمثل مجلس النواب في طبرق أو “حكومة طبرق” في شرق ليبيا. والطرف الآخر هو حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقراً لها والتي تدعمها الأمم المتحدة، وتسيطر على الجزء الغربي من البلاد.

ووفقًا للاتفاق السياسي الليبي لعام 2015، كان من المفترض أن يندمج مجلس النواب مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس ليصبح الهيئة التشريعية للبلاد. ومع ذلك، فإن هذه الخطة لم تؤت ثمارها بعد.

وتتمتع موسكو بعلاقات ممتازة مع كلتا الإدارتين، ففي العام الماضي، زار رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج روسيا. ومن جهته فإن المشير حفتر كان دائماً متحمساً لعلاقة تحالف مع موسكو، حيث زار الزعيم العسكري الليبي روسيا مرتين في السنوات الثلاث الأخيرة، كما كان ضيفًاً على متن حاملة الطائرات الروسية أدميرال كوزنيتسوف، حيث التقى بوزير الدفاع الروسي شويجو في مكالمة فيديو مغلقة.

وكان المشير أركان حرب حفتر، وهو متحدث للروسية بطلاقة، قد تلقى تدريباته العسكرية في الإتحاد السوفييتي.

وطُلب من موسكو التوسط واستخدام نفوذها للمساعدة في تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية مقررة مبدئياً في ديسمبر من العام الجاري. كما أعربت روسيا عن رغبتها في إعادة تنشيط مجموعة من اتفاقيات التعاون الموقعة مع ليبيا.

بالإضافة إلى أن الشركات الروسية على استعداد للعودة إلى السوق الليبي. وعلى خلاف الغرب، لا تربط موسكو جهود المساعدة بمطالب الإصلاح السياسي، ولا تُحاضر المتلقين حول الحاجة إلى تبني ديمقراطية على النمط الغربي.

لا يمكن أن يستمر القتال وعدم الاستقرار إلى الأبد , فليبيا مهمة للغاية لترك الوضع ينزلق. ومن الطبيعي أن تكون روسيا – وليس الغرب أو أي جهة فاعلة أخرى – هي التي يلجأ إليها الليبيون للحصول على المساعدة , حيث أن تدخل حلف الناتو في عام 2011 ما زال حاضراً في ذاكرة الليبيين.

كما أن الليبيين يرون أن روسيا قد نجحت في سوريا , في حين فشل الغرب , بالإضافة إلى تمتع الإتحاد الروسي بعلاقات جيدة مع الجهات الفاعلة الأخرى التي تشارك بشكل أو بآخر في النزاع ، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وتركيا ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كما لم ننسى كيف أن صربيا، نتيجة للتدخل الغربي، خسرت كوسوفو، والتي كانت جزءًا من أراضيها، وكيف تم تقسيم السودان، كما أن العراق يواجه صعوبات جمة في محاولاته للحفاظ على وحدة أراضيه ، على الأقل اسمياً.

وليبيا ليست الدولة الوحيدة التي تتجه لروسيا بحثاً عن المساعدة. ففي الشهر الماضي ، كتب رئيس المجلس السياسي الأعلى اليمني (الحركة الحوثية) ، مهدي المشاط رسالة إلى الرئيس فلاديمير بوتين ، طالباً منه استخدام النفوذ الروسي الدولي لوضع حد للأزمة المستمرة في بلاده , وحث روسيا على لعب دور في ضمان الأمن والإستقرار في اليمن.

لم تعمل العملية العسكرية في سوريا على تنشيط مبيعات الأسلحة الروسية في الخارج فحسب ، بل عززت أيضاً صورة البلد كوسيط دولي عادل ومناسب بشكل مثالي للعمل كوسيط لحل النزاعات الدولية , حيث تتلقى موسكو طلبًا تلو الآخر لتقديم يد المساعدة لمن هم في أمس الحاجة إليها.

شئنا أم أبينا ، هذه الحقيقة لا يمكن دحضها – لقد تحولت سياسة روسيا في الشرق الأوسط إلى قصة نجاح ونفوذ متزايد ، مما يجعلها الدولة التي تلجأ إليها دول المنطقة.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا