«الجضران» والإخوان وجهان لعملة واحدة.. اختلفا في التوجه واجتمعا على محاربة الجيش

0

اخبار ليبيا – أحمد جمال

بعد أيام من إنهاء مغامرة «الجضران» ومن معه من بقايا سرايا الدفاع عن بنغازي والمرتزقة من المسلحين التشاديين في الهلال النفطي، يطرح سؤال: إذا كان هناك نسبة عالية من اليقين لدى المتابعين لما يجري في ليبيا، بأن الأمور جراء هذه المغامرة (الحمقاء) في الشكل، ستؤول إلى ما آلت إليه بعد أسبوع واحد فقط، من احتلال مينائي رأس لانوف والسدرة. فلم كانت هذه المغامرة؟ وما هو هدفها الحقيقي؟ وهي التي نتج عنها؛ دفع كل هذا الثمن الباهظ من القتلى والجرحى، والخسائر التي قدرت بملايين الدولارات؟

نوايا المحركين

وإذا كان الهدف منها هو تشتيت تركيز الجيش في درنة، كما صرح بذلك إسماعيل الصلابي، صحيحًا نسبيا، غير أن سرعة هروب تلك المجموعات الإرهابية من منطقة الهلال النفطي، في معركة لم تستغرق سوى 40 دقيقة، حسبما ذكر المتحدث الرسمي باسم الجيش العميد أحمد المسماري، جعلت من فاتورة المغامرة أعلى بكثير مما سعت لتحقيقه في درنة، وهذا من شأنه أن يعيد طرح سؤال: ما هو الهدف الحقيقي إذا؟

التداعيات اللاحقة، كشفت أن هناك هدف آخر، يتعلق باستهداف علاقة الجيش بالهلال النفطي، ونفي كونه الجيش الوطني الليبي باعتباره المؤسسة الوطنية الأكثر مهنية وارتباطا بالتقاليد العسكرية للجيوش النظامية، ومن ثم تمثيلا لليبيا.

التشكيك بالجيش

التشكيك في الجيش كمؤسسة وطنية جامعة؛ عبر عنه رئيس حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين فرع ليبيا، محمد صوان، عندما أعلن تحفظه على وصف الأمم المتحدة لما سماها (قوات حفتر) بالجيش الوطني الليبي في تقرير الأمين العام الصادر في مايو الماضي.

وبدوره أعلن القيادي في حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا ورئيس المجلس الاستشاري الأعلى خالد المشري فِي مقابلة تلفزيونية على قناة «فرنسا 24» أنه لا يعترف بقائد الجيش الوطني، المشير خليفة حفتر.

قوة الإخوان المحايدة

وعلى ضوء هذه المواقف من قِبل جماعة الإخوان المسلمين طالب رئيس حزب العدالة والبناء الذراع السياسي محمد صوان، المجلس الرئاسي بتشكيل قوة من الضباط والجنود النظاميين لحماية الحقول والموانئ النفطية بعيدا عن أي مجموعات تابعة لطرف سياسي أو قبلي أو جهوي.

«صوان» الذي اعتبر الجيش مجموعة تابعة لطرف قبلي أو جهوي، أوضح في تصريح لصحيفة صدى، أن هذا الاقتراح يهدف لوقف هذا العبث قبل تفاقمه وضمان عدم تكراره، وذلك بالاستفادة من الإجماع والدعم الداخلي والدولي الذي اتضح عقب هذا الصراع، مشيراً إلى هنالك عسكريين نظاميين معطلين يتلقون مرتباتهم من خزينة الدولة وهم بعشرات الآلاف.

ولفت إلى أن الصراع المتكرر للسيطرة على خليج سرت له أثار خطيرة على الوضع الاقتصادي والأمني، صوان أوحي بأن الجيش هو جزء من المشكلة، وهو موقف يفتقد على النزاهة والموضوعية.

تناغم .. صوان وجضران

دعوة صوان سارع إلى تبنيها إبراهيم جضران، وهو تناغم يثير الشبهة حيث قال في بيان له: «إننا نؤيد ونثمن كافة المبادرات المحلية والدولية التي تدفع في اتجاه تحقيق التداول السلمي للسلطة حيث يختار الشعب حكامة ونوابه ولكي تؤتي الانتخابات ثمارها، لا مناص من توفير مناخ أمن يختار فيه المواطنون من يرونه دون خوف أو ترهيب».

وتناغما مع «صوان» اتهم الجضران في بيانه الجيش بتورطه في اغتيال بعض من استعدوا للترشح في مناطق السيطرة، وأنه يمارس ترهيب الناس وإرغامهم على تبني مواقف سياسية معينة.

وطالب «الجضران» المجتمع الدولي وكافة الدول الساعية لتحقيق أمال الشعب الليبي في الأمن والاستقرار والتنمية أن تعمل على توفير الحماية اللازمة للمواطنين والمرشحين من محاولات إفساد العملية السياسية في ليبيا. فيما هو يحتل الموانئ النفطية، وسبق له أن أغلق منطقة الهلال النفطي طوال ثلاثة أعوام، كلفت الشعب الليبي 100 مليار دولار، ناهيك عن ضحايا مغامرته الأخيرة التي راح جراءها عشرات القتلى والجرحى، ومئات الملايين من الدولارات كخسائر مادية.

النواب.. رفض مشروع الإخوان

دعوة حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، والتي تناغم معها الجضران، بوضع الهلال النفطي تحت مسؤولية ما سماها قوة محايدة، حذرت منها لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، باعتبارها «مشروعا دوليا» لفرض حماية دولية على المنشآت النفطية، رافضة تسليمها لقوات ليبية محايدة من خارج حرس المنشآت النفطية التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة.

وجددت «خارجية النواب» في بيان صادر عنها، «دعمها الجيش في القضاء على الإرهاب والتطرف والمجموعات المسلحة الخارجة عن القانون بكل ربوع ليبيا دون استثناء كخطوة أساسية لضمان إجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة».

وقالت: «إن اللجنة تحذر وترفض بشدة المشروع الدولي لفرض حماية دولية على المنشآت النفطية أو ما يسمونه قوات ليبية محايدة من خارج حرس المنشآت النفطية التابعة للقيادة العامة للجيش».

واعتبرت أن هذه الخطوة «ستؤدي إلى حرب أهلية طويلة وعدم استقرار وانقلاب صريح على المبادرة الفرنسية في باريس والتوافق الوطني والدولي على خارطة طريق تعترف بجيش ليبي واحد وبقيادة شرعية عامة محددة».

تحذير.. الدعوة مشبوهة

ومن جانبه حذر د. فتحي المجبري، عضو المجلس الرئاسي، في بيان له الخميس الماضي 21 يونيو، من الدعوات المشبوهة التي تساوي بين الجيش الذي حرر الموانئ النفطية وأعادها للعمل، وبين مجموعة من المارقين المتحالفين مع قوى التطرف والمعروفين محليا ودوليا.

واعتبر «المجبري» أن «النداء المبطن لاستجلاب قوات من خارج إقليم الموانئ والحقول غير خاضعة لقيادة الجيش الوطني الليبي، يمثل دعوة حقيقة لاحتراب أهلي ومناطقي سيعصف ليس فقط بمقدرات الليبيين وثرواتهم، بل يمكن أن يضع ليبيا نفسها على شفا التقسيم والتشظي».

واختتم «المجيري» بيانه بدعوة كافة الليبيين إلى الوعي والتنبيه لما يحاك لبلادهم وثرواتهم، ومؤسسات الدولة المتمثلة في مجلس النواب والمجلس الرئاسي والقيادة العامة للجيش وأعضاء مجلس الدولة والمؤسسة الوطنية للنفط، لتحمل مسؤولياتهم التاريخية وتوحيد الصف والدعوة لإعادة السيطرة على الموانئ من قبل قوات الجيش الوطني، لتتمكن المؤسسة الوطنية للنفط من رفع القوة القاهرة على الموانئ، لتباشر أعمال الصيانة تمهيدا لاستئناف الإنتاج والتصدير.

الجيش.. عامل استقرار

إن حديث «صوان» أن الصراع المتكرر للسيطرة على خليج سرت له آثار خطيرة على الوضع الاقتصادي والأمني، هو في أحد جوانبه بمثابة ضوء أخضر من قوى الإسلام السياسي للقوى الإرهابية لاستمرار محاولات تغيير المعادلة في منطقة الهلال النفطي بالعنف، من أجل جلب جماعات مسلحة ترضى عنها تلك القوى.

وهي رسالة سلبية جدا وتفجيرية بامتياز، ومع ذلك فهي تشير إلى أن بعض القوى المحلية لا تريد الاستقرار في ليبيا، ولذلك فهي تأخذ موقفا عدائيا من الجيش كونه عنوان الاستقرار، لأن الاستقرار سيكون كاشفا لها، كحضور ودور سياسي، وهو ما لا تريد الوصول إليه، كما أن هناك قوى يرتبط استمرار وجودها؛ بغياب الحل السياسي واستمرار الفوضى.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا