موقع أمريكي يرسم خارطة تقاسم نفوذ المليشيات بالعاصمة طرابلس

0

رصد وترجمة اخبار ليبيا

سلط  موقع «أتلانتيك كاونسيل» الأمريكي الضوء على آخر مستجدات الأوضاع في ليبيا وتحديدا مجريات الأحداث في العاصمة طرابلس، وقال إنه في أعقاب أحداث فبراير عام 2011 في ليبيا قامت الميليشيات ببناء دور قوي لأنفسهم من خلال ملء الفراغ الأمني ​​الذي خلفه الإطاحة بنظام الزعيم معمر القذّافي، وظهرت جماعات مسلحة في جميع أنحاء ليبيا، لكن التعقيد والانتشار يلاحظ بشكل خاص في العاصمة طرابلس وحولها.

وقد عززت الأموال والمكانة والسلطة الميليشيات، وكذلك قرارًا مبكرًا في مرحلة الانتقال لتوسيع عدد الرجال الذين يتقاضون أجور في الجهاز الأمني ​​بمعدل ثمانية أضعاف تقريبًا. ومع ذلك فإن سيطرة الجماعات المسلحة اليوم هي نتيجة لقدرتها على التكيف مع الفوضى والقدرة على التنقل بين الفصائل والتلاعب بالمؤسسات العامة أو عدم وجودها.

ووصلت حكومة الوفاق الوطني- الحكومة المؤقتة المدعومة من الأمم المتحدة في ليبيا في نهاية عام 2015- إلى طرابلس في مارس 2016. في البداية لم يكن لديها جهاز أمن راسخ، وتم تشغيلها خارج القاعدة البحرية، حتى تفاوضت على ولاء أي من الجماعات المسلحة ترغب في الوقوف إلى جانبها.

وترأس اللواء عبد الرحمن الطويل اللجنة الأمنية المؤقتة أثناء وصول حكومة الوفاق الوطني، والتي كلفتها الأمم المتحدة بحماية القاعدة البحرية.

وعندما أصبحت حكومة الوفاق الوطني آمنة، انتقلت إلى مقرها في سوق الجمعة في شمال المدينة. وأدى هذا إلى خلق توازن هش في القوة: منذ تأسيس الحكومة المعترف بها دوليا كانت الميليشيات تتمتع بسلطة أكبر على سكان غرب ليبيا طالما أنها ضمنت سلامة مقر حكومة الوفاق.

وتغير تشكيل ائتلاف القوى المسلحة في طرابلس بمرور الوقت ووجود مئات الميليشيات، إلا أن أربعة لاعبين رئيسيين هم المهيمنين على الدوام: قوة الردع الخاصة، وكتيبة النواصي، وكتيبة أبو سليم، وكتيبة ثوار طرابلس.

واليوم تعمل المجموعات المسلحة الأربع الرئيسية كقوة شرطة وهيئة لجمع المعلومات الاستخباراتية، وفي بعض الأحيان كقوات مقاتلة. يقومون باعتقالات ويقومون بغارات لمنع الإرهاب والنشاط الإجرامي وصد الهجمات من الميليشيات المتطرفة في المنطقة.

وقد تصاعد اعتماد السكان على المليشيات لتقديم هذه الخدمات للحفاظ على المدينة آمنة، ومن المرجح أن تساعد الهجمات المستمرة على وضع المليشيات في المدينة، لأنها تبرر وجودها، في حين أن مستوى منخفض من العنف يسمح للميليشيات بإثبات أن الأمن الذي توفره ضروري.

كما اكتسبت الميليشيات مكانة ساهمت في قدراتها على التجنيد، وقد ازدادت قوة بعض الميليشيات بسبب تجنيد الاقتصاد غير المشروع، وتأييده للأرباح. وتشير الأمم المتحدة إلى أن الوضع الأمني ​​لطرابلس قد تحسن في الأشهر الثمانية عشر الأخيرة ، لكن بعض الخبراء يؤكدون أن تحسن الوضع الأمني ​​ليس سوى وهم.

وبالإضافة إلى توفير الأمن للمقيمين والمباني الحكومية تسيطر ميليشيات طرابلس أيضاً على المطار الوحيد الذي يعمل في المدينة والسجون ومراكز احتجاز المهاجرين والبنية التحتية الرئيسية الأخرى لأسباب تتعلق بتدفق السيولة النقدية. كما أنهم يشاركون في تهريب النفط والاتجار بالبشر وتجارة المخدرات.

وقد أدت هذه المشاركة في الاقتصاد غير المشروع إلى زيادة سلطتهم من خلال السماح لهم بالعمل كمنظمة أمنية وشبكة إجرامية.

وخلال السنتين الماضيتين – منذ وصول حكومة الوفاق الوطني إلى طرابلس – اكتسبت هذه الميليشيات الأربعة نفوذاً غير مسبوق على المؤسسات العامة والخاصة وأقامت شبكات إجرام واختلاس واسعة النطاق. وأول هذه الميليشيات هي قوة الردع الخاصة التي تتحكم في المناطق الواقعة في شمال طرابلس وكذلك سجن أبو سليم. كما تقوم بغارات واعتقالات وتمارس نفوذها في كل طرابلس.

ومن بين اللاعبين الأربعة الرئيسيين، فإن قوة الردع الخاصة هي أكثر الميليشيات قوة ونفوذاً في طرابلس. فقبل عام 2011 كان عبد الرؤوف كارة، يعمل حداداً في طرابلس، ومنذ سقوط القذافي كان كارة، موجودا على الأرض في كل مرحلة من مراحل التحول الليبي ، وسرعان ما أخذ دورًا قياديًا في قوة الردع الخاصة، وهو معروف بتوجهه السلفي المدخلي.

ونظريًا تأخذ قوة الردع الخاصة – وهي جزء رسمي من وزارة الداخلية- أوامرها من حكومة الوفاق، أما عملياً ، تعمل المجموعة المسلحة مع قدر كبير من الحكم الذاتي. وتدعى قوة الردع الخاصة سيطرتها فقط مساحة صغيرة من الأراضي في شمال شرق طرابلس، لكن عملياتها ونفوذها يمتد على طول طرابلس، وواجباتها واسعة النطاق.

وتنظم قوة الردع الخاصة غارات على تجارة المخدرات والكحول وتحارب الجريمة، وتسير دوريات في جميع أحياء طرابلس. كما ينبثق نفوذ قوة الردع الخاصة من سيطرتها على مطار معيتيقة وهو المطار الوحيد الذي يعمل في طرابلس، أي بعبارة أخرى هي تتحكم في من يدخل البلد ويخرج منه.

وفي السنوات الأخيرة حولت الفرقة القوية جهودها إلى تفكيك خلايا داعش واعتقال المتعاطفين معها الأمر الذي يتطلب أحيانًا استخدام التكتيكات أقرب إلى قوة المخابرات، وتضع قوة الردع الخاصة الأشخاص الذين تعتقلهم في سجن مؤقت في المطار ولديها حالياً 2600 سجين من بينهم 300 إلى 500 من الرجال المرتبطين بتنظيم داعش ومنظمات إرهابية أخرى ومعتقلين سابقين في جوانتانامو، بالإضافة إلى شقيق منفذ تفجير مانشستر الذي قتل 22 شخصًا في عام 2017.

ولكن قوة الردع الخاصة لا تعمل دون عوائق. ففي العام الماضي أغلق مطار معيتيقة لساعات قليلة في أربع مناسبات -يونيو ويوليو وأكتوبر وفبراير- بسبب القتال ، ولمدة خمسة أيام في يناير، عندما أدت الاشتباكات بين الجماعات المسلحة إلى مقتل عشرين شخصًا.

ويسرد تقرير الأمم المتحدة انتهاكات قوة الردع الخاصة في سجونها، والتي تشمل التعذيب والاعتقالات التعسفية وغير القانونية والإعدام غير المشروع والإهمال. ويصر قائد الميليشيا عبد الرؤوف كارة أنه يدير منشأة إنسانية، حيث إعادة التأهيل هو الهدف.

وثاني هذه الميليشيات هو كتيبة النواصي, والتي تتحكم في المناطق في شمال طرابلس، ويعرف بأنها تسعى إلى السيطرة، وحتى القتال على البنية التحتية المربحة.

كتيبة النواصي هي جماعة إسلامية سبق لها أن دعمت المؤتمر الوطني العام، وكانت النواصي واحدة من أكبر الميليشيات التي تم دمجها في اللجنة الأمنية العليا التابعة لوزارة الداخلية الليبية، التابعة للمؤتمر الوطني العام – في ذلك الوقت ، المنافس للبرلمان المعترف به دوليًا في طبرق.

وتعمل اللجنة الأمنية العليا كالشرطة، حيث كانت النواصي مسؤولة عن العديد من العمليات المناهضة للجريمة، ولها سمعة قاسية في معاقبة الجرائم المتعلقة بالكحول والمخدرات والشذوذ الجنسي والإناث غير المصاحبين لذويهم ، بحسب الصحفي جيمي ديتمير، الذي أجرى مقابلة نادرة مع عبد الرؤوف كارة عام 2015، عندما كانت النواصي تحت قيادته. وبالإضافة إلى اتباع القواعد الإسلامية المتعلقة بالجنس بصرامة، من المعروف أن النواصي رجعيّة، لأنها تتفاعل بعنف حتى في النزاعات الطفيفة.

الجدير بالذكر أن النواصي واحدة من الألوية الأولى التي اصطفت مع حكومة الوفاق الوطني، وتعهدت بحمايتها، حيث تقوم بحماية قاعدة أبو ستة البحرية، حيث يقيم رئيس الوزراء فايز السراج. ومع ذلك، فمن المعروف أن قوات النواصي تشتبك مع قوات أخرى تعمل تحت مظلة حكومة الوفاق الوطني، وكذلك اتخاذ مواقف مخالفة لقوات الردع الخاصة.

كتيبة أبو سليم «الأمن المركزي أبو سليم»

تسيطر على حي أبو سليم والمناطق المحيطة به إلى الشمال والشرق، ويقود كتيبة أبو سليم عبد الغني الككلي، وتعرف المجموعة أحيانًا باسم “غنيوة”، وتتماشى الميليشيا اسمياً مع حكومة الوفاق الوطني، وكانت حاسمة في طرد المليشيات الموالية للمؤتمر الوطني من العاصمة، كما تعتبر كتيبة أبو سليم نفسها قوة مكافحة جريمة، وتقوم بغارات على تجار المخدرات والكحول في جميع أنحاء الأراضي التي تسيطر عليها.

كتيبة ثوار طرابلس «تتحكم في مناطق عين زارة والمناطق الساحلية الغربية»

كتيبة ثوار طرابلس هو واحدة من أكبر الميليشيات في طرابلس من حيث الأفراد والقدرات العسكرية، لكنها فقدت نفوذاً كبيراً في العاصمة، حيث أصبحت قوات الردع الخاصة أكثر تأثيراً في أجزاء كثيرة من المدينة، ويقود كتيبة ثوار طرابلس هيثم التاجوري، وتتركز الكتيبة في المقام الأول في منطقة سوق الجمعة، مع الحفاظ على وجود مكثف في قارقارش، حيث تعتبر كلا المنطقتين ذات قيمة، لأنهما تقعان بجوار المطار الوحيد الذي يعمل في طرابلس، والذي تسيطر عليه قوات الردع الخاصة. الجدير بالذكر أن كتيبة ثوار طرابلس تتبع اسمياً لوزارة الداخلية.

الميليشيات التي تتبع اسميا إلى المؤتمر الوطني العام

مليشيا ليبيا فجر كان ائتلافاً لجماعات مسلحة مؤيدة للمؤتمر الوطني العام الذي تم انتخابه في عام 2012، وكان لها علاقات مع القبائل، والإخوان المسلمين، والثوار المناهضين للقذافي من مصراتة، والميليشيات من طرابلس.

واستولت كتلة فجر ليبيا على طرابلس في أغسطس 2014، وسيطرت على المدينة حتى منتصف عام 2016. ولكن بعد وصول حكومة الوفاق الوطني، والتي تدعمها الأمم المتحدة، اصطفت بعض الميليشيات بالولاء لحكومة الوفاق الوطني، وبقي البعض موالين للمؤتمر المنحل، وكذلك الأفراد والجماعات المتطرفة.

وتجدر الإشارة إلى أنه تم حل المؤتمر الوطني العام رسمياً في عام 2016 ، وتم طرد الميليشيات المرتبطة بالمؤتمر الوطني العام تدريجيا من طرابلس بعد وصول حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة في مارس. وأعلنت القوى المسلحة في مايو 2017 انسحابها من طرابلس لمنع المزيد من الأضرار التي لحقت بالمدينة بعد سنوات من الاشتباكات.

وعلى الرغم من أن المؤتمر الوطني العام وقع على الاتفاق السياسي الليبي، والذي أنشأ حكومة الوفاق الوطني، لم يكن لدى المؤتمر الوطني العام إجماع من جميع الميليشيات المتحالفة معه. ففي الفترة التي سبقت التوقيع على الاتفاق السياسي الليبي في ديسمبر 2015 وبعده ، تعمقت التصدعات الموجودة في ائتلاف فجر ليبيا الموالية للمؤتمر الوطني العام. واليوم تعمل المليشيات التي ما زالت موالية للمؤتمر الوطني العام في ضواحي طرابلس.

البقرة وكتيبة الكاني «موجود في الضواحي الشرقية لطرابلس»

كتيبتا البقرة والكاني هما من بين القوى المائلة للتطرف، واللتان مازالتا مواليتين للمؤتمر الوطني العام المنحل، واللتين تم طردهما من قبل قوات متحالفة مع حكومة الوفاق الوطني. وللميليشيتين وجود في مناطق منفصلة، ولكن مجاورة خارج طرابلس ولا تنسقنان الاستراتيجيات أو الهجمات.

فلواء المشاة الثالث والثلاثون، المعروف أيضا باسم البقرة، وهو لقب قائد المليشيا، بشير خلف الله. وكانت كتيبة البقر تملك في السابق معاقل في طرابلس، وتعمل الآن من الضاحية الشرقية لطرابلس، منطقة تاجوراء. وحاولت كتيبة البقرة وفشلت في اختراق مطار معيتيقة في محاولة لإطلاق سراح بعض المعتقلين في السجن.

واليوم تدير كتيبة الكاني عملياتها في ترهونة، وتمارس نشاطًا متكررًا في القره بوللي، التي تبعد 35 ميلاً شرق طرابلس، وسيطرت كتيبة الكاني على بعض الأراضي والبنية التحتية الرئيسية قبل مايو 2017، ولكن تسببت تهديدات كتيبة ثوار طرابلس في رحيلها. وأصبحت كتيبة الكاني مؤخرًا رسميًا مع حكومة الوفاق الوطني، غير أن الكتيبة معروفة بأنها تمتلك نزعة متطرفة وميل للعنف.

القوات الوطنية المتنقلة «تتحكم في مناطق على الساحل في غرب طرابلس»

كان لدى القوات الوطنية المتنقلة في السابق معاقل في منطقتي السياحية وغوط الشعال، ولكن تم دفعهم غربًا إلى منطقتي جنزور والسراج، ومعظم أعضائها من الأمازيغ، وهم أصلاً من أجزاء من جبال نفوسة في غرب ليبيا.

ولا تزال المجموعة موالية لبقايا حكومة الإنقاذ الوطني – وهي حكومة تابعة للمؤتمر الوطني العام تم حلها في عام 2016، ولكنها تسعى إلى إعادة تأسيس نفسها في طرابلس.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا