حفتر: نرفض الضغط الدولي لإخضاع الجيش لسلطة غير منتخبة

0

اخبار ليبيا – جرجس فكري:

نشرت صحيفة الأهرام العربي حوارا مع القائد العام المشير خليفة حفتر وصفته بأنه أول حوار بعد عودته من رحلة العلاج بباريس وحمل الحوار أسم ” المشير يتكلم”.

وتحدث المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي عن الانتخابات بإجراء انتخابات ومصير الجيش الليبي بعد الانتخابات.

وإليكم نص الحوار كما نشرته صحيفة الأهرام العربي.

–   سؤالي لسيادتكم وبشكل واضح: هل ما حدث كان بترتيب من استخبارات القيادة العامة لأهداف استراتيجية أم أنها الحرب الإعلامية الشرسة في محاولة لزعزعة الاستقرار بالجيش الليبي؟ ولو الحالة الثانية لماذا كان قراركم عدم الظهور بشكل سريع لتكذيب الأخبار المتتالية على مدار الساعة ولمدة عشرة أيام؟

نحن لا نشغل أنفسنا بالترهات والأكاذيب، ولا نتعاطى مع الإعلام بأسلوب ردود الفعل، وليس بوسع أي وسيلة إعلام أو أي فرد أن يفرض علينا الظهور من عدمه، وندرك جيدا أن الأبواق التي تعتمد في نعيقها على الكذب وقلب الحقائق والافتراءات لا تجد من يستمع إليها، بل يواجها المواطن بالسخرية والازدراء، واكتفينا بطمأنة شعبنا الذي يثق في تصريحاتنا دون الحاجة إلى تكرارها بأن القائد العام يتمتع بصحة جيدة.

نحن نعتمد على ثقة الشعب في مصداقية ما نصرح به، الثقة بين الشعب والجيش ليس لها حدود، وهي زادنا ومصدر قوتنا، ومن ثم فإن تصريحا واحدا من الناطق الرسمي للقوات المسلحة كان كافيا لطمأنه المواطنين – المدنيين منهم والعسكريين -ولدحض كل الأكاذيب التي تروج لها وسائل الإعلام المعادية.

الهدف من وراء تلك الأكاذيب هو شق الصف، وإحداث بلبلة في الأوساط العسكرية، ولكن هذا لم يتحقق، وقد خاب رجاؤهم، لأن جيشنا أقوى من أن تهزه دعاية إعلامية ماكرة تقف وراءها زمرة من الكذابين الحاقدين المرتزقة، هو جيش نظامي محترف ومتماسك وغير قابل للاختراق أبدا، وعلى الرغم من هذا العار والفضائح التي لحقت بهم لن يستوعبوا الدرس، وستكرر الحالة لأن في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا. وعلى أية حال فإنني عرضة للمرض كأي بشر، والموت حق على الجميع، «إنك ميت وإنهم ميتون» و «كل نفس ذائقة الموت»، ولا يشمت في الموت الا الفاسق الحاقد، ولكن هذا لا يؤثر على تماسك القوات المسلحة أو أداء واجبها على الاطلاق، لأن أساسها متين وولاءها ليس لفرد، بل لله والوطن والشعب.

> نعم.. لقد شاهد ورأى العالم أجمع خلال بث الشائعات وحدة وترابط قيادات الجيش الليبي، وتأكد للأعداء قبل الأصدقاء أن الجميع أمام مؤسسة عسكرية تراتبية منضبطة، ماذا عن تأثير تلك الشائعات على المشهد السياسي؟ وهل ظهرت أطراف سياسية حاولت استغلال الوضع؟

إطلاقا هذا لم يحدث، وكما قلت لك فإن الأصوات والأقلام التي كانت تصنع وتردد الأكاذيب لم تجد آذانا صاغية لها، فمن أين لها أن تؤثر في المشهد السياسي أو غيره؟ لقد كنت على تواصل مستمر مع أطراف دولية ومحلية بشكل طبيعي، ونتباحث في كل القضايا المتعلقة بالشأن الليبي، والأمور كانت طبيعية إلى اقصى الحدود.

> خلال تلك الفترة قام رئيس مجلس النواب بعقد كثير من الاجتماعات كان أهمها الاجتماع الذى عقد بالمملكة المغربية مع رئيس المجلس الأعلى الاستشاري، ما تقييمكم لهذا الاجتماع؟

نحن لسنا معنيين بهذا اللقاء، ولم نهتم به او نشارك فيه، وليست لدينا أي خلفية عنه، لا من حيث الترتيبات ولا من حيث الهدف منه أو مخرجاته، ونحن لا نتدخل في نشاطات السيد رئيس مجلس النواب.

> سيادة المشير أعلنتم أن القوات المسلحة الليبية تسيطر على أكثر من 95% من إجمالي مساحة الدولة الليبية، هل نعتبر هذا مؤشرا لقرب بسط الجيش سيطرته على كامل الدولة أم أن هناك معوقات خارجية تجعل الوصول لهدفكم أمراً مستحيلا؟

المستحيل ليس من مفردات قاموسنا، نحن ندافع عن الحق ونؤدى واجبنا بما يرضى الله وشعبنا وضمائرنا، ومادمنا على هذا المبدأ سينصرنا الله كما نصرنا في جميع معاركنا ضد الإرهاب.

الجيش الوطني الليبي سيواصل مسيرته النضالية حتى يستعيد ليبيا كاملة مهما كلفنا من ثمن، وسنحافظ على وحدة البلاد، وسيادة الدولة، وسنعمل أقصى ما نستطيع حتى يتحقق الاستقرار والأمن، ليتمكن الليبيون من بناء دولتهم بالصورة التي يريدونها وبإرادتهم الحرة. هذا الجيش الذى حقق المعجزات في هزيمة الإرهاب هو أمل الليبيين، والضامن بعد الله لبناء الدولة وتحقيق أماني الشعب، ودائرة انتشاره في البلاد تتسع دون توقف، وستشمل التراب الليبي كاملا عاجلا وليس آجلا بإذن الله، لأنه مطلب كل الليبيين.

 

> عندما قمتم بعملية الكرامة العسكرية منتصف 2014 بأقل من 300 فرد من ضباط وجنود ومدنيين شكك كل الخبراء العسكريين في نجاحكم، وتحققت المعجزة العسكرية، كيف تقيم الآن وضع الجيش من ناحية التسليح وأعداد العسكريين؟

الجيش الليبي الذي مرت عليه أشد المحن، لم يستسلم للواقع، ولم يرضخ للقهر، بل واجه كل التحديات والمؤامرات وتغلب عليها، وصمم على شق الطريق الصعب حتى عادت له الحياة، وأثبت وجوده بقوة على الساحة، وقدم من التضحيات ما تعجز لغة الكلام عن وصفه، وحقق من الانتصارات ما عجزت عنه دول عظمى، واكتسب من الخبرة الميدانية سواء في ميادين القتال أم من خلال التدريب ما منحه ثقة الشعب في قدرته على الوفاء بالتزاماته وواجباته، وفى فترة وجيزة احتل المكانة رقم 9 بين جيوش القارة الإفريقية كافة حسب التقييم الدولي المحايد. وفى استعراض لوحدات رمزية من قواتنا المسلحة في الذكرى الرابعة لثورة الكرامة، أيقن الليبيون والعالم أن الجيش الوطني الليبي استطاع أن يبنى نفسه، بعد أن كاد يتلاشى بسبب المؤامرات التي حيكت ضده. وفى كل عام تضاف إلى كافة صنوف القوات المسلحة دفعات جديدة من الخريجين من الضباط والجنود بعد تأهيلهم وفقا لأحدث المعايير. كل هذا برغم استمرار حظر التسليح الظالم الذي يفرضه علينا العالم بينما نحن نحارب الإرهاب نيابة عنه، ورغم المعارك الضارية التي نخوضها ضد الإرهاب. الجيش الوطني الليبي في تطور مستمر، والطريق لم تكن مفروشة بالورود وما زالت طويلة، لكننا مصممون على أن يكتمل بناء الجيش حسب المعايير العصرية الحديثة ليكون الضامن لبناء الدولة وحفظ سيادتها، وحماية الوطن ومقدرات الشعب.

> أصدرتم أوامر ببدء عملية تحرير مدينة درنة، وقوات الجيش الليبي الان تقوم بمحاربة الجماعات الإرهابية بالمدينة، ما الوضع العسكري الآن؟ وهل سنشهد تحريراً سريعاً أم أنها معركة ستستمر وقتاً طويلاً للانتهاء منها؟ وما أعداد العناصر الإرهابية المرجح وجودها بالمدينة؟

لقد واجهنا بقوات لا يتجاوز عددها 300 مقاتل، أكثر من خمسة عشر ألف إرهابي في بنغازي -المدينة الآهلة بالسكان والمترامية الأطراف – كانوا يسيطرون على جميع أحيائها ومرافقها، ويتلقون دعماً لا محدود من الداخل والخارج، وانتصرنا عليهم، فلن نعجز عن القضاء على مئات من الإرهابيين يتحصنون في درنة بعد أن أطبقنا عليهم حصاراً لمدة ثلاث سنوات، وتحرير درنة امر حتمي بإذن الله، وهو قاب قوسين أو أدنى.

> نهنئكم بالعيد الرابع لثورة الكرامة.. كان الاحتفال العسكري مهيباً بكامل صنوف الجيش المتنوعة، وبالطبع بجانب الاحتفالات كانت هناك رسالة مهمة بإظهار قوة التسليح والقوات، لمن كانت هذه الرسالة؟

الرسالة كانت موجهة بالدرجة الأولى إلى الشعب الليبي، ليطمئن بان جيشه قد عادت له الحياة واستعاد عافيته، وأن بوسعه الاعتماد عليه في مسألة الدفاع وحماية الوطن ومحاربة الإرهاب، وأنه يستحق الدعم والتقدير بجدارة، والرسالة الثانية كانت للتنظيمات الإرهابية، مفادها: ألا مكان لكم في ليبيا، وليس أمامكم إلا الهزيمة، والرسالة الأخيرة كانت للعالم، بأننا جادون في بناء المؤسسة العسكرية النظامية المحترفة وقادرون على ذلك، وأننا أقوى من كل التحديات.

وهناك رسالة أخرى إلى العسكريين الذين التزموا بيوتهم وفقدوا الأمل ظناً منهم أن الجيش الليبي قد انتهى، ليعيدوا النظر في أمر أنفسهم ويلتحقوا بالقوات المسلحة فوراً.

> على فترات يشهد مطار “معيتيقة” بالعاصمة طرابلس اشتباكات بين قوتين تابعتين عسكرياً للمجلس الرئاسي نتج عنها تدمير أسطول الطيران الليبي، إلى متى سيستمر العبث وتدمير البنية التحتية الليبية؟

لن تتوقف هذه الاشتباكات حتى يتم حل كل التشكيلات المسلحة التي تعمل خارج منظومة الجيش والشرطة، وتسليم أسلحتها للسلطات المختصة، ومسألة طرابلس ووضعها الأمني مازالت تؤرق الليبيين والمجتمع الدولي، والعمل جار بتنسيق محلى وإقليمي ودولي على معالجة الوضع في العاصمة، والمفاوضات الجارية في القاهرة بشأن توحيد المؤسسة العسكرية تعمل أيضاً على معالجة وضع تلك التشكيلات المسلحة. ولن يستمر الوضع في طرابلس على هذه الحال طويلاً.

> التقارير الغربية تتحدث عن انتقال أعداد كبيرة من مقاتلي داعش من العراق وسوريا للتوطين في ليبيا، هل رصدت أجهزتكم الاستخباراتية ما يؤكد تلك التقارير؟

الإرهابيون يتوافدون إلى ليبيا من كل حدب وصوب، وأكثرهم من دول الجوار، وبعض الدول الإفريقية وأوروبا، لكن بنادقنا ومدافعنا وطائراتنا الحربية لا تولى أدنى اهتمام لجنسياتهم، وهم دائما يبشروننا في مقاطع تلفزيونية بأنهم جاءوا الينا بالذبح وقطع الرؤوس والمفخخات، ولكن ما إن يشعروا بأنهم استقروا في ليبيا حتى ننقض عليهم من حيث لا يشعرون، فيتحول بعضهم إلى أشلاء وجيف، وبعضهم إلى أسرى يستجدون الرحمة والعفو، والباقي منهم يفر إلى الصحراء الشاسعة تاركاً وراءه سلاحه وحذاءه، ليموت عطشاً وجوعاً، ويصبح طعاماً للذئاب والضباع.

> خلال حوار «الأهرام العربي» مع سيادتكم منذ عامين، كنتم متمسكين بمبدأ أن يظل الجيش بعيداً عن السياسة، ما الأسباب التي غيرت رأيكم وبدأت القيادة العامة في المشاركة بالعملية السياسية؟

نحن لم نقتحم السياسة، بل السياسة هي التي داهمتنا وأرادت أن تفرض علينا أموراً لا يمكن القبول بها حرصاً على المؤسسة العسكرية وما حققت من مكاسب وإنجازات، وما قدمت من تضحيات، فكان لزاماً علينا أن نتصدى دفاعا عنها. لم يكن بوسعنا أن نترك مصير المؤسسة العسكرية في يد السياسيين، يقررون بشأنها ما يشاءون دون مراعاة لتاريخها النضالي وتضحياتها الكبيرة، خصوصًا بعد أن تبين لنا أن هناك من يعمل على تدميرها والقضاء عليها نهائيا.

لم يكن هناك مفر من أن نقف في وجه المتآمرين على الجيش والداعمين لإنشاء قوات بديلة أو موازية له، والداعين لإخضاعه لسلطات غير منتخبة من الشعب الليبي. ودخولنا إلى الساحة السياسية لم يكن بغرض ممارسة السياسة بل فقط لعرض وتوضيح موقفنا الثابت ضد أي محاولة للمساس بقواتنا المسلحة، ومن زاوية التصدي لأي إجراء نرى أنه يلحق الضرر بمؤسسة الجيش أو يعرضها للخطر، وحتى هذه اللحظة لم نمارس السياسة او نتدخل في شئونها، وما زلنا ملتزمين بدورنا العسكري المحض، ونحرص على الا نتجاوزه إلى أي مدى آخر.

> خلال خطابكم صباح يوم 17 ديسمبر الماضي وهو تاريخ الانتهاء الزمنى لاتفاق الصخيرات، أعلنتم أن الجيش الليبي لن يتبع أي سلطة غير منتخبة من الشعب وأن جميع الأجسام المنبثقة عن الاتفاق كالعدم. هل كان المقصود المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق فقط أم أيضا البرلمان؟

البرلمان الليبي هو مؤسسة منتخبة من الليبيين قبل أن يولد ما يسمى بالاتفاق السياسي، في انتخابات شهد لها العالم بنزاهتها، وهو الممثل الشرعي الوحيد لإرادة الليبيين، والسلطة التشريعية العليا في البلاد بلا منافس، وندرك جيدا حجم التحديات والضغوط التي يواجها والعراقيل التي تقف في طريقه، والمحاولات الرامية لإضعافه، لكنه يظل المؤسسة التشريعية الوحيدة في البلاد، ويمارس اختصاصاته وفق الإعلان الدستوري، وليست له أي مرجعية إلا الشعب والدستور.

> أيضا تحدثت سيادة المشير في خطابكم عن ممارسة ضغوطات دولية وعربية على القيادة العامة للجيش الليبي وبعضها من الدول الصديقة، هل تسمح بتوضيح نوعية هذه الضغوطات ولماذا؟

أنا لم أشر إلى أي دولة على أنها مارست علينا ضغوطاً، ولكن هناك توجهًا دوليًا عامًا يضغط باتجاه أن تخضع المؤسسة العسكرية إلى السلطة التنفيذية المنبثقة عن الاتفاق السياسي، ونحن نرفض هذا التوجه بالمطلق لأنه يتعارض مع مصلحة المؤسسة ويعرضها للخطر، ولدينا من المبررات القوية والحجج الدامغة ما يجعلنا نتمسك بهذا الموقف الوطني مهما بلغ حجم الضغوطات. هذا كل ما في الأمر.

> هل يمكن أن يقبل الجيش بمشاركة جماعات أعلنتم أنها إرهابية في العملية الانتخابية المقبلة على سبيل المثال الجماعة الليبية المقاتلة وجماعة الإخوان؟

الذي ينظم العملية الانتخابية هو قانون الانتخابات، وهو الذي يضع شروط الترشح، وهذا أمر يختص به مجلس النواب دون سواه، وإذا حدث تحت أي ظرف أن أجاز القانون لهذه التنظيمات أن تترشح فإن قرار فوزها من عدمه يبقى في يد الليبيين أصحاب السيادة، والليبيون بحكم التجربة المريرة التي مروا بها لن يلدغوا من جحر واحد مرتين.

> علاقتكم بالمبعوث الأممي السابق السيد كوبلر كان بها كثير من الخلافات والتجاذبات، ومع استلام الدكتور غسان سلامة للملف الليبي عقد بينكم أكثر من لقاء، هل تغيرت رؤية الأمم المتحدة الخاصة بالحل في ليبيا أم أن الأشخاص تتغير والرؤية تستمر؟

كل المبعوثين الأمميين إلى ليبيا اعتقدوا في بداية استلامهم الملف الليبي أنهم لا يحتاجون لإتمام مهمتهم بنجاح إلا إجراء بعض اللقاءات، مع من يعتقدون أنهم أطراف فاعلة في القضية الليبية، لرسم صورة عامة للازمة ثم وضع خارطة طريق واعتمادها من مجلس الأمن ومباشرة تنفيذها، ولكن سرعان ما تتضح لهم الحقيقة بأن الأزمة ليست بالبساطة التي كانوا يتصورونها.

إنها أزمة صراع شرس وقذر على السلطة، وعلى نهب المال العام وثروات البلاد، صراع بلا أخلاق وبلا ضمير من أجل الحفاظ على المكاسب الشخصية، وضمان الإفلات من العدالة والعقاب. الذين مارسوا الفساد وأجرموا في حق الشعب الليبي يدركون أن الحل العادل سيؤدى إلى القصاص منهم، ويعنى أن القضاء سيزج بهم في السجون أو ربما إلى مشانق الإعدام، جزاء ما اقترفوا من جرائم في حق الليبيين البسطاء. ويدركون أن الحل يعنى نهاية العبث الذي يمارسونه، وسحب المزايا التي اكتسبوها على حساب الشعب ومعاناته، الحل يعنى نهايتهم جميعا، لذلك سيتصدون له بكل ما أوتوا من قوة، ويختلقون شتى الذرائع لتبرير مواقفهم مع إضفاء الطابع الوطني عليها زوراً وبهتاناً، وإذا لم ينتبه المبعوث الأممي ومن ورائه المجتمع الدولي إلى هذه الفئات المعرقلة للحل، المستفيدة من الوضع القائم، فإنه لن يكون إلا رقما في سلسلة أرقام متتالية من المبعوثين الأمميين، لا أكثر ولا أقل، ليبقى الحل عندئذ في يد الشعب الليبي دون سواه.

> هل ترى أي أمل في تعاون مشترك بينكم وبين رئيس المجلس الرئاسي السيد فايز السراج؟

التقيت السيد فايز السراج في أبو ظبي منذ حوالي عامين، والتقيته في باريس منتصف العام الماضي وأصدرنا ما يعرف ببيان لاسيل سانت كلو، ثم ذهب كل واحد منا إلى حال سبيله. السيد السراج يقيد نفسه بالاتفاق السياسي الذى لم يكتسب الشرعية الدستورية حتى هذا اليوم، ويعتبره المرجعية الوحيدة له في أي خطوة يخطوها، ويعمل داخل العاصمة في محيط معقد، ولا يتوافر لديه المناخ المرن الذى يسمح له باتخاذ قرارات فردية ذات تأثير على المشهد دون الرجوع إلى العديد من الأطراف ذات النفوذ على الأرض في العاصمة، هكذا يبدو لي الأمر وقد أكون مخطئاً. وعلى المستوى الشخصي نكن له كل الاحترام والتقدير، وعلى المستوى العملي لا نمانع بأن نتبادل معه أي اقتراحات من شأنها أن تدفع بالأمور في اتجاه الحل وتخفيف حدة الأزمة. أي طريق يؤدى إلى تجاوز هذه المحنة دون أن يكون على حساب تضحياتنا أو يتعارض مع مبادئنا الثابتة نحن مستعدون لان نسلكه ونتعاطى معه بإيجابية مطلقة.

> دائماً وفى كل تصريحاتكم تشيدون بالعلاقات المصرية الليبية، ما الجديد في العلاقات المصرية الليبية خصوصا أنك اخترت القاهرة لتكون موضع زيارتكم بعد عودتكم من باريس ليومين قبل سفركم لبنغازي؟

العلاقات الليبية -المصرية هي علاقات مصير مشترك، ومكانة مصر لدى الليبيين لا تنافسها أي دولة أخرى. نحن شركاء في كل شيء، والتشاور بيننا في جميع القضايا التي تمس شعبينا لا ينقطع، وأبواب التعاون المشترك بيننا في جميع المجالات مفتوحة بشكل دائم. والقيادة المصرية تدعم بشكل فاعل، أي خطوة في اتجاه بلوغ الاستقرار وتحقيق السلام في ليبيا. وتضع الملف الليبي في مقدمة اهتماماتها وتتابع مجريات الأحداث وتعمل ما بوسعها لحل الأزمة الليبية، ولا يمكن أبدا الاستغناء عن الدور المصري، وبلا مبالغة نحن نعتبر مصر إحدى الدول العظمى لما لها من تاريخ عريق وطاقة بشرية هائلة ومكانة مرموقة بين دول العالم. وزيارتي إلى القاهرة في طريق العودة من باريس تدخل ضمن إطار التشاور والتعاون المشترك.

> تعد دولة الإمارات من أهم الدول المساندة للجيش الليبي، ماذا عن العلاقات الليبية – الإماراتية؟

دولة الإمارات العربية دولة شقيقة وقفت إلى جانبنا في أشد المحن، وواجهت العديد من المصاعب جراء موقفها الداعم لنا، لكنها ظلت ثابتة على موقفها ولم تتزحزح أو تتراجع، وهي من أحرص الدول على الأمن والاستقرار في ليبيا، وعلى مصلحة الشعب الليبي، وفى مقدمة الدول المناهضة للإرهاب، وتولى اهتماما بالغا بالقضية الليبية لما لها من تأثير مباشر على الإقليم، والعلاقات بيننا أخوية والتواصل لا ينقطع.

> هل تعتبر فرنسا الحليف الأوروبي الأقرب في مساندة الجيش الليبي؟

فرنسا دولة متوسطية صديقة يجمعنا معها إقليم واحد، والرئيس الفرنسي له مواقف شجاعة تجاه القضية الليبية والعمل على معالجتها، ولدينا مع فرنسا قواسم مشتركة عديدة وفى مقدمتها قضايا الأمن التي تصدرها الحرب ضد الإرهاب والتطرف. وقد تطابقت وجهات نظرنا في ملف الإرهاب، بأنه لا يمكن تحقيق الاستقرار في ليبيا وإقليم المتوسط قبل القضاء على الإرهاب قضاءً نهائياً، ولا يخفى على أحد ما أصاب فرنسا جراء العمليات الإرهابية على أرضها، وهي إحدى الدول التي دفع أبناؤها أرواحاً بريئة بسبب العمليات الإرهابية، وتدرك جيداً أن وجود تنظيمات إرهابية في ليبيا يهدد أمنها بصورة مباشرة، لذا فنحن وفرنسا نعمل بتنسيق أمنى متكامل ضد الإرهاب.

> التقارب العسكري الليبي – الروسي هل ترجم بمساعدات عسكرية أم مازال في منطقة التعاون المعلوماتي فقط؟

العلاقات الليبية – الروسية ليست وليدة اليوم، بل ممتدة منذ حقبة تاريخية طويلة، وهى تقف إلى جانبنا في المطالبة بحقوقنا المشروعة، ولها مواقف مشرفة تجاهنا في المحافل الدولية. والاتصالات التي نجريها مع أصدقائنا الروس هي تمهيد لمرحلة الاستقرار التي نعمل على بلوغها. الروس ملتزمون بقرار حظر التسليح المفروض علينا، ويحترمون القرارات الدولية، لذا لم يكن بوسع روسيا تزويدنا بالسلاح وقرار الحظر مازال نافذاً. هناك اتفاقيات عسكرية مبرمة مع الروس قبل صدور قرار الحظر، ونسعى إلى تفعيلها، ونحث الروس على العمل الجاد والسريع لرفع الحظر الذى لم يعد له أي مبرر.

وأود أن أضيف أن علاقتنا بالعالم لا تنحصر في علاقتنا المميزة بالدول الأربعة التي أشرت إليها في أسئلتك، نحن تربطنا علاقات طيبة مع جيراننا ومع دول المتوسط والدول العظمى ودول المغرب العربي ومع الاتحاد الإفريقي، ومعظم المنظمات الدولية، ولا خلاف لنا إلا مع الدول التي تدعم الإرهاب وتقف ضد مصالح الشعب الليبي أو تعمل على فرض إرادتها عليه.

> يعانى المواطن الليبي مجموعة أزمات اقتصادية طاحنة، منها شح السيولة وتأخر الرواتب وتهالك البنية التحتية والصحة والتعليم، هل أثرت هذه الأزمات على استمرار الدعم الشعبى للجيش بنفس الزخم؟ لقد تحدثتم في خطابكم بحفل تخريج ضباط الكلية العسكرية عن معاناة المواطن، ما أدوات القوات المسلحة للمساهمة في تخفيف هذه الأزمات؟

الدعم الشعبى للقوات المسلحة هو الركيزة التي نستند إليها في أداء واجباتنا الوطنية، وعملية الكرامة منذ الأساس انطلقت بناء على تفويض شعبى ومسيرات شعبية عارمة جابت كل المناطق في ليبيا بكاملها. وقانون إنشاء القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية وما تبعه من قرارات تخص الجيش صدرت تلبية لمطالب وضغوط شعبية. لولا الدعم الشعبى ما كان لنا أن نحقق نصرا واحدا، ولم نلحظ قط أي تراجع من الشعب الليبي في دعم قواته المسلحة، بل على العكس من ذلك تماما. وها هي الأصوات الشعبية في طرابلس وضواحيها وغرب البلاد عموما تصدح يوميا مطالبة الجيش بالتقدم نحو العاصمة لفك أسرها وإعادة الأمن والاستقرار إليها. هذه الأمور ليست خافية على أحد. الشعب الليبي يدرك جيدا من هي الأطراف التي تسببت في معاناته وأزماته الخانقة، ومن يضحى بروحه ودمه من أجله، ويدرك أن المساعى السياسية لحل أزمته قد أضاعت كثيرا من وقته الثمين، ولم يعد يحتمل الانتظار لحسم الصراع لصالحه، والذين يستهينون بالشعب الليبي عليهم أن يعيدوا حساباتهم بدقة قبل فوات الأوان.

> هل يوجد ضمن أجهزة القوات المسلحة الليبية جهاز خاص برصد وكشف الفساد؟

القوات المسلحة تعمل في إطار القانون، وكل من يتجاوز القانون ويمارس الفساد داخل هذه المؤسسة يجد نفسه ماثلا أمام القضاء العسكري لينال العقاب الذى ينص عليه القانون. لا رحمة ولا شفقة ولا شفاعة في مسألة الفساد.

 

> على مدار سنوات والحديث عن أهمية وضرورة المصالحة لم يتوقف، وشاهدنا خلال الأسابيع الماضية عددا من الاجتماعات بالداخل والخارج بين أعضاء بالنظام السابق وعدد من القوى المدنية، متى سيتم الوصول لشكل حقيقى للمصالحة بين الليبيين؟

الاستقرار السياسي والأمنى والاقتصادى عامل أساسى لتحقيق المصالحة، الذى حدث في ليبيا عقب سقوط النظام السابق هز جميع أركان الدولة، وطال كافة مناحى الحياة، ومورست منذ ذلك الحين انتهاكات صارخة تأثر بها المجتمع وأدت إلى تصدعات اجتماعية من الصعب معالجتها قبل توفير المناخ الملائم لها. وما يقوم به الجيش حاليا وأجهزة الأمن هو خلق المناخ الأمنى اللازم لتحقيق المصالحة، وتقع باقى المسئولية على المؤسسات المدنية لتوفير العناصر الأخرى. وفى جميع الأحوال فليس أمام الليبيين ألا أن يتصالحوا مع أنفسهم ويفتحوا صفحة جديدة لبناء دولتهم وضمان مستقبلهم ومستقبل أجيالهم المقبلة، ولا يمكن أن تقوم الدولة ما لم يكن الشعب متصالحا مع نفسه.

> تابعنا المصالحة بين مصراتة وتاورغاء.. ما تقييمكم لهذه المبادرة؟

أهالى تاورغاء الذين عاشوا مأساة النزوح والتهجير القسرى مدة سبع سنوات هم أصحاب القرار. فاذا رأوا أنها تحقق غاياتهم وتعيدهم إلى ديارهم آمنين دون المساس بكرامتهم أو فرض شروط مذلة عليهم فإن الجميع سيؤيد ذلك، نحن لا نؤيد أو نرفض المبادرة نيابة عن أهالى تاورغاء.

هناك قاعدة إعلامية تقول إن تكرار معلومة مغلوطة بشكل متكرر وفى وسائل إعلام مختلفة تجعل منها حقيقة بعد تكرارها، وتجربة إشاعة تعرضكم لحالة صحية شديدة الخطورة كانت خير شاهد على هذه القاعدة، إلى حين نسفها بظهوركم بكامل الصحة والعافية، فاسمح لنا سيادة المشير أن نفتح هذا الملف الشائك ونفند الحقائق من الأكاذيب التي انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعى خلال الفترة الماضية.

> يتم الترويج بأن الجيش الليبي استحوذ على المليارات المخصصة للمنطقة الشرقية وهذا سبب شح السيولة وتراجع الخدمات؟

هذا هراء. الجيش يحمى مقدرات الشعب وليس من أخلاقه وأدبياته السطو والنهب كما يفعل الكثيرون في وضح النهار بلا رادع وبلا خجل أو حياء. الجيش يضحى بروحه ودمه من اجل الشعب فكيف في المقابل يسطو على ماله.

لقد قام الجيش بتحرير اهم الموانئ البحرية لتصدير النفط وسلمها على الفور إلى الجهة المختصة لإدارتها، واكتفى بحمايتها والتصدى للمعتدين عليها وقدم عشرات الشهداء من أبنائه وهو يذود عنها، ولو كان الجيش يسعى إلى المال لأدار صفقات التصدير بنفسه، واحتفظ بالعائدات في خزائنه يتصرف بها كما يشاء.

ليس الجيش الليبي من يفعل هذا، وكل من يتقدم بادعاء عليه أن يرفقه بالبينة. ثم إن نقص السيولة تعانى منه جميع المصارف في جميع أنحاء البلاد وليس في الشرق الليبي فقط، فهل السبب هو أن الجيش الليبي استحوذ على السيولة من هذه المصارف؟

> بدأ الهجوم على شخص القائد العام للجيش الوطني الليبي بأنكم طامعون في منصب رئاسة الدولة بلا خوض انتخابات وتعملون على إفشال أي انتخابات مقبلة؟

نحن أول من طالب بإجراء انتخابات، وفى جميع تصريحاتنا ولقاءاتنا المحلية والدولية نعلن تمسكنا بالمسار الديمقراطي لبناء الدولة المدنية، وعن الجيش نقول ونردد المبدأ الثابت أنه لا يخضع إلا لرئيس منتخب من الشعب عبر صناديق الاقتراع، ومن فاته الاستماع إليها أو قراءتها عليه أن يراجعها.

> يروج أيضاً أن سبب تأخر معركة تحرير درنة الهدف منه المساومات السياسية؟

كنا نأمل أن تنتهى قضية درنة سلميا دون اللجوء إلى استخدام القوة، وقد تواصل معنا العديد من المشايخ والأعيان من درنة وغيرها للوصول إلى حل سلمى يجنب المدينة العمليات الحربية، واستمر هذا التواصل أكثر من ثلاث سنوات دون جدوى، حتى تبين لنا أنه لا مجال لتحرير درنة إلا بالقوة بسبب عناد القوى الإرهابية التي كانت تسيطر عليها وتمارس أبشع أنواع الظلم والقهر ضد أهالينا في درنة، وتعزل المدينة عن باقى البلاد، وتطبق على أهلها قوانين شيطانية ما أنزل الله بها من سلطان، عندما فشلت كل المساعى السلمية لم يبق أمامنا إلا المواجهة المسلحة وإعلان ساعة الصفر لتحريرها بالقوة. درنة مدينة غالية على كل الليبيين أرضا وسكانا ولا يمكن أن نسمح بفصلها عن ليبيا وبقائها في قبضة الإرهابيين.

> تكرر الحديث عبر صفحات كثيرة بمواقع التواصل الاجتماعي على أن أبناء المشير يتدخلون في القرارات العسكرية ووصف البعض هذا بأنه تكرار لممارسات أبناء القذافي، ما ردكم؟

المؤسسة العسكرية مدرسة في الانضباط والتعامل مع منتسبيها. وليس في مناهجها ما يفرق بين منتسب وآخر بسبب العائلة أو القبيلة أو المدينة. وهذا أحد أهم الفوارق بين الجيش النظامي والمليشيات.

وبالنسبة لأبنائي هم مواطنون ليبيون مثل بقية إخوانهم الليبيين، ومن حق أي فرد منهم أن ينخرط في مؤسسة الجيش إذا توفرت لديه الرغبة وانطبقت عليه شروط القبول. ومن انخرط منهم في الجيش ينطبق عليه القانون العسكري بلا محاباة او تمييز، وملزم بتنفيذ التعليمات الصادرة إليه من رؤسائه حسب التراتبية العسكرية، ولا يسمح لهم بالمطلق التدخل في اتخاذ القرارات خارج نطاق اختصاصاتهم، ومن يتجاوز منهم حدود واجباته واختصاصاته أو يخالف القانون بأى صورة كانت يجد نفسه تحت طائلة القانون وفى مواجهة القضاء، وليس من بين أبنائى إلا اثنان التحقا بالمؤسسة العسكرية وتحصلا على التأهيل العسكري المطلوب من مؤسسة مختصة في الأردن، ويخضعان للقانون والنظام العسكري كباقى أفراد الجيش، وكلاهما حملا السلاح  وقاتلا في معارك عديدة ضد الإرهاب، وقد أصيب أحدهما في الميدان إصابة بالغة في إحدى قدميه كادت تؤدى إلى عملية جراحية لبتر ساقه، وما زال يتلقى العلاج منذ أكثر من عامين، وليس من حق أحد أن نمنعهما من ممارسة حقوقهما أو أداء واجباتهما. والالتحاق بالجيش لا يحقق أي مزايا أو مكاسب شخصية، ولا يعنى إلا التعهد بمواجهة الموت من أجل الدفاع عن الوطن، وتحقيق النصر أو الفوز بالشهادة.

> نشرت مقابلة لمجلة فرنسية مع سيادتكم تحمل كثيرا من التصريحات التي نفتها القيادة العامة للجيش الليبي، هل تعتبر ما تم نشره سوء صياغة من الصحفى الذى أجرى الحوار، أم تحريفا متعمدا لإحداث بلبلة إعلامية؟

نحن لا نعلم كيف تم تحريف الحوار، المهم في الأمر أننا قمنا بنفى ما تم نشره وانتهى الأمر.

> ما صحة ما تم تداوله عن عقد أبرمته القيادة العامة للجيش الليبي مع إحدى شركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية؟

القيادة العامة لم تبرم أي عقد من هذا النوع مع أي جهة، لا في أمريكا ولا في غيرها.

> اسمح لى سيادة المشير أن أشير بكل فخر إلى مهنية “الأهرام العربي” التي لم تنزلق كأغلب الصحف العالمية في نشر أخبار كاذبة عن صحتكم خلال الفترة الماضية واتجهنا لنشر الحقائق عبر تصريحات مستشاركم الخاص كأول جهة صحفية في العالم تنفى هذه الشائعات، كيف تقيمون الصحافة العربية في التعاطى مع الملف الليبي الشائك وربما الشديد التعقيد؟

لست من الحريصين على متابعة ما تنشره الصحافة بشكل منتظم، خصوصا بعد أن أصبح معظمها لا يعبر إلا عن توجهات ومواقف مموليها، ولا يهتم بنقل الحقيقة والتحليل بحيادية وموضوعية، المال أصبح للأسف هو الموجه للصحافة إلا من رحم ربي.

القضية الليبية لم تعطها الصحافة العربية حقها كما ينبغي، مع بعض الاستثناءات. نضال الجيش الليبي ضد الإرهاب تصوره بعض وسائل الإعلام على أنه ارتكاب لجرائم حرب، واعتداء على المدنيين واختراق للقوانين الدولية، في حين أنه تضحية وواجب وطنى من أجل الحرية والأمن والاستقرار.

وهناك حكومات للأسف ودوائر معادية للجيش تضخ الملايين من الدولارات لتبث سمومها وأكاذيبها من خلال وسائل الإعلام الرخيصة المرتشية لتشويه الحقيقة، وتحقيق أهداف بغيضة، والأمثلة على ذلك لا تحصى.

ولا ننكر أن بعض وسائل الإعلام، سواء عبر الصحف أو القنوات الفضائية، تحترم شرفها المهني، وتقف إلى جانب القضايا العادلة، الإعلام اليوم أصبح سلاحا خطيرا، خصوصا في فترة الأزمات، وما لم يلتزم المشرفون عليه بالمهنية والانحياز للحقيقة فإنه يتحول إلى سلاح دمار شامل.

> بعد الإعلان رسمياً عن تحرير أغلب أحياء مدينة درنة هل نستطيع أن نقول إن الشرق الليبي قد تم تحريره بالكامل؟

نعم وبلا أدنى شك، درنة هي آخر معقل للإرهابيين في الشرق الليبي، وإعلان التحرير يعنى عودة المدينة التي يتحصن فيها الإرهابيون ويفرضون على سكانها قوانينهم الخاصة إلى حضن الوطن، وفك أسرها وانتهاء سيطرتهم عليها.

الحرب ضد الإرهاب شاقة وطويلة، وثمنها باهظ التكاليف، وما أن ينتهى الجيش من دوره في دك معاقل الإرهاب والقضاء على قياداته كما حدث في بنغازى ودرنة حتى يبدأ دور الأجهزة الأمنية، وهى مهمة شاقة أيضا. وما لم تتوفر الأدوات اللازمة لتلك الأجهزة لأداء مهامها فإن ظهوره من جديد يظل امرا محتملا.

هناك ما يعرف بالخلايا النائمة وتحتاج إلى تكتيك أمنى خاص لتقويضها ومحاصرتها والقضاء عليها، وهناك من يدعم الإرهاب داخليا وخارجيا، ولا يريد بنا خيرا، وهذا يحتاج إلى وقفة دولية حازمة لردع أي حكومة أو تنظيم يدعم الإرهاب. المشوار لم ينته بعد، لكننا ماضون في أداء واجبنا حتى تطهير كامل التراب الليبي من الإرهاب وأعوانه، ومنع عودته من جديد.

> التقديرات العسكرية لمعركة تحرير درنة ترجح أنها ستستمر لشهور، وجاء الانتصار الباهر خلال شهر رمضان الكريم، ما هي الأسباب؟ هل كانت تقديرات الإعلام تهول من حجم وقوة العناصر الإرهابية ام نتيجة خطة عسكرية محكمة؟

الفضل يرجع أولا إلى الله سبحانه وتعالى، وما النصر إلا من عند الله، ثم إلى إرادة وصبر وشجاعة جنودنا المقاتلين في القوات المسلحة والقوة المساندة لهم، والدعم الشعبى الذى لم يتوقف منذ إعلان عملية الكرامة الخالدة، وبعد كل هذا يأتى دور التخطيط العسكري المحكم، الذى استند إلى معرفتنا الواسعة بتضاريس المنطقة وتفاصيلها الدقيقة. ولا ينبغى أن نغفل بأن الخبرة التي اكتسبها جنودنا في محاربة الإرهاب قد أسهمت بشكل فعال في تحقيق النصر في وقت قياسى وبأقل الخسائر، ونأمل أن تكون انتصارات جيشنا في بنغازى ودرنة وفى الهلال النفطى وفى وسط البلاد وجنوبها دروسا مستفادة لمن تراوده الأحلام بأن يمارس الإرهاب في ليبيا أو يتخذ من بلادنا قاعدة انطلاق للعمليات الإرهابية ونشر أفكار التكفير والتطرف، أو من تسول له نفسه المواجهة مع الجيش الوطني الليبي.

> استطاع الرئيس الفرنسى ماكرون أن يجتمع بجميع الأطراف السياسية الليبية، بعد مشاركة سيادتكم. ما تقييمكم الشامل لاجتماع باريس 2 كما تم تسميته؟

لقد تلقيت الدعوة من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون شخصيا، ونحن نقدّر شجاعته وصدقه وحسن نواياه تجاه القضية الليبية، والتعامل بيننا أساسه الثقة في حسن النوايا والاحترام المتبادل، وقد علمت انه سيتم في المؤتمر عرض مبادرة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال شهور، وهذا يتفق تماما مع مطالبنا في كل اللقاءات التي نجريها مع الدول المهتمة بالشأن الليبي والمؤثرة في القرار الدولي، وهو بلا شك مطلب شعبى قبل كل شيء. ونرى أن الانتخابات – برغم ما تحتاجه من استحقاقات – تقودنا إلى مرحلة متقدمة نحو الاستقرار الدائم. فهى تعالج قضية الخلاف القائم حول شرعية المؤسسات التي انتهت ولايتها منذ فترة طويلة، وتعيد الأمر في النهاية إلى الشعب الليبي صاحب السيادة والمصلحة ليختار رئيسا للبلاد ونوابا له في البرلمان. نحن من طرفنا لن نقصر في أداء دورنا لنجاح الانتخابات، ويبقى على الأطراف الأخرى أن تلتزم بما عليها من واجبات لضمان انتخابات دستورية نزيهة. أرى أن مؤتمر باريس خطوة إلى الأمام إذا التزمت جميع الأطراف بما نص عليه الإعلان الختامى للمؤتمر.

> لماذا خرج الجميع من اجتماع باريس رافضاً للتوقيع على البيان النهائى رغم ترحيب الجميع بإجراء انتخابات؟

كل من شارك في المؤتمر أعلن أمام الكاميرات قبوله بمخرجاته، ولم نسمع صوتا واحدا معارضا، بما في ذلك الدول التي شاركت فيه، والتوقيع من عدمه مسألة شكلية بحتة، ولم تكن ضمن بروتوكول المؤتمر من الأساس.

> أعلنت القوة المسيطرة على مصراتة عدم مشاركتها في مؤتمر باريس، وأصدرت بيانا بانها غير ملتزمة بمخرجاته. هل ما زالت مصراتة تسير منفردة؟ وكيف سيتم التعاطى مع هذه المؤشرات السلبية؟

لا أفهم ماذا تقصد بالقوة المسيطرة على مصراتة، وإن وجدت فبأى صفة توجه لها الدعوة؟ أو بأى صفة كانت ستحضر؟ القوة العسكرية الوحيدة التي تملك الشرعية والمشروعية في ليبيا هي القوات المسلحة العربية الليبية، والمفاوضات الجارية في القاهرة تعمل على انضمام كل العسكريين النظاميين تحت مظلتها. الجيش لا يقبل الانقسام على نفسه، وليس لدى العسكريين ما يختلفون من أجله. ينبغى ألا تضيع هذه الفرصة وأن نستثمرها لصالح قواتنا المسلحة حتى تتمكن من أداء واجبها الدفاعى عن الوطن على أكمل وجه. يجب الا تتأثر مؤسسة الجيش بالتجاذبات السياسية أو الخلافات الجهوية والقبلية. هذا هو الجيش الذى يؤتمن ويستحق الثقة والدعم من الشعب، والجيش الذى يعادى الشعب أو يعادى نفسه ليس جيشا. الليبيون جميعا يرفضون وجود أي قوة مسلحة تعمل خارج هيكل المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية الرسمية، سواء في مصراتة أو خارجها، والعسكريون الشرفاء يحترمون شرفهم العسكري، ولا يقبلون العمل خارج مؤسسة الجيش الرسمية، وهم أيضا يدفعون باتجاه توحيد الجيش.

مصراتة وأهلها شركاء في الوطن، ولا ينبغى السماح لحفنة من المتشددين المتطرفين، المغردين خارج السرب أن يعزلوا المدينة عن باقى البلاد، أو يسيئوا إلى سمعتها أو يكونوا سببا في تأجيج النقمة عليها. التيارات الوطنية المدنية في مصراتة التي تضم عشرات الآلاف من أهالى المدينة، والعسكريون الشرفاء في مصراتة تقع على عاتقهم مسئولية كبيرة لمنع هؤلاء من فرض توجهاتهم المتطرفة.

> هل ترى أن الأمم المتحدة قادرة على تأمين العملية الانتخابية؟ وهل مشاركة “القوة الأمنية” كما جاء بالبيان الختامى لاجتماع باريس سيضمن نزاهة الانتخابات أم أنه مؤشر لاحتمالية التلاعب والتزوير؟ وهل المقصود هنا على سبيل المثال الميليشيات الامنية المسيطرة على العاصمة؟

الإعلان ينص على دور القوى الأمنية الرسمية، راجع نطق البيان الختامي، لأن هناك نسخا عديدة محرفة نشرتها وسائل الإعلام المختلفة، والمقصود هنا، مديريات الأمن والأمن الداخلى والقوات المسلحة، ولكل منها دوره الخاص. أما عن دور الأمم المتحدة فإنه رقابى بالدرجة الأولى، إضافة إلى دور مؤسسات المجتمع المدنى المحلى في العملية الرقابية على الانتخابات، كما أن المفوضية العليا للانتخابات يتحتم عليها اتخاذ كل الاحتياطات التقنية والفنية والإجراءات اللازمة لضمان النزاهة والدقة ومنع التلاعب بالنتائج.

> بعد المضى قدما في طريق الاحتكام للانتخابات، هل سيؤجل الجيش الليبي أي ترتيبات للتقدم العسكري باتجاه العاصمة طرابلس؟

الجيش الليبي كمؤسسة عسكرية نظامية غير معنى بالعملية الانتخابية إلا من جانب واحد، وهو أن يتولى رئيس الدولة المنتخب منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أما مسألة انتشاره الأفقى في البلاد فلا علاقة لها بالانتخابات.

> هل ترون أنه سيكون في ليبيا انتخابات رئاسية وبرلمانية في ديسمبر من العام الحالى؟

إذا التزمت كل الأطراف بما تعهدت به في مؤتمر باريس، كل حسب دوره، بما في ذلك الأمم المتحدة والمجتمع الدولي فلا أرى سببا لعدم اجرائها. الاستحقاقات والتحديات التي سنواجهها كبيرة ولكن علينا أن نستعد لها.

> سيادة المشير متى ستعلنون ترشحكم للانتخابات الرئاسية خاصة مع الشعبية الجارفة التي تتمتعون بها ومطالبة شريحة كبيرة من الليبيين بكل المناطق ترشحكم للرئاسة؟

هذا سؤال سابق لأوانه. عندما تتوفر الشروط الدستورية ويصدر قانون الانتخابات ويفتح باب الترشح عندئذ ستسمع الإجابة.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا