خطة “الجضران” الإرهابية.. إهدار ثروات ليبيا وإرباك الجيش

0

اخبار ليبيا:

يمكن القول أن الهدف من هجوم إبراهيم الجضران بالتعاون مع سرايا الدفاع عن بنغازي الإرهابية، وبعض مرتزقة المعارضة التشادية، والذي نتج عنه السيطرة على ميناءي السدرة وراس لانوف، هو تمكينه من خزان ثروة ليبيا، كمفتاح للقوة استباقا لأي استحقاقات مقبلة، وأيضا لإرباك الجيش الذي يخوض معركة تحرير درنة من الإرهاب، وحيث ينوي بعدها؛ ملاحقة الجماعات الإرهابية؛ أينما وجدت على التراب الليبي.

الصمت المريب

التداعيات التي رافقت الهجوم تكشف بجلاء أن الجضران لا يتحرك منفردا، ولعل مؤشرات ذلك، هي حالة الصمت التي خيمت على القوى السياسية والعسكرية في المنطقة الغربية، التي كانت تقيم الدنيا ولا تقعدها عند تحرك المؤسسة العسكرية؛ ممثلة في الجيش الوطني الليبي لمواجهة التنظيمات الإرهابية في شرق البلاد.

وباستثناء بيان لرئيس المجلس الرئاسي نشره باسمه، أدان فيه الهجوم دون أن يتعرض للمهاجمين بتوصيفهم كجماعة إرهابية، وهذا ينسجم مع موقف رئيس المجلس الأعلى للدولة وبعض أعضاء المجلس الرئاسي المحسوبين على تيار الإسلام السياسي، كما هو حال بعض المجالس العسكرية التابعة لبعض المدن في المنطقة الغربية، التي لا تعترف بالمؤسسة العسكرية ابتداء، فيما تحتضن الجضران وما يسمى بسرايا الدفاع عن بنغازي الإرهابية.

دعم لوجستي

هذا الربط العضوي بين الجانبين، يمكن قراءته في استقبال سيارات إسعاف وعربات مسلحة نقلت عشرات الجرحى والمصابين من ميليشيا الجضران التي سيطرت على منطقتي السدرة ورأس لانوف، إلى مدينة مصراتة، الذي كشف مستوى الدعم اللوجستي التي تقدمه مصراتة إلى العملية العسكرية التي نفذها إبراهيم الجضران، وهي التي تحاول أن يمتد نفوذها ليشمل منطقة الهلال النفطي، رغم أنه تحت مسؤولية المؤسسة الوطنية للنفط منذ تحريره من مليشيا الجضران ومن يسانده العام الماضي.

وقد نقلت وسائل إعلامية عن مصدر طبي في سرت، أن سيارات إسعاف نقلت عددا من الجرحى والمصابين من ميليشيا الجضران إلى مصراتة لتلقي العلاج.

وليس الدعم اللوجستي فقط ، هو الذي يقدم ، لكن يبدو أن هناك تواطئا من بعض الأجسام العسكرية لمليشيات مدن الغرب الليبي، من أجل السيطرة على الهلال النفطي لتعزيز نفوذها في مجال حسابات القوة، كشف عنه أحد قيادات مدينة مصراتة “حسن شابه”، الذي سبق أن نبه القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر، بأخذ الحيطة والحذر تحسبا لهجوم مرتقب تشنه قوات الآمر السابق لجهاز حرس المنشآت النفطية إبراهيم الجضران على منطقة جنوب مصراتة.

وجاء ذلك عبر تدوينة نشرها عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في كانون ثاني (يناير) 2018 قال فيها “إن الجضران يجهز في قوة قوامها 70 آلية، ويتواجد جنوب مصراته، حيث السيطرة الأمنية والعسكرية، لمجلس مصراتة العسكري .

البرغثي  يبارك

والمؤشرات تقول أن الجضران لم يتحرك بقوته العسكرية للسيطرة على الهلال النفطي دون دعم أطراف أخرى، فقد نشر موقع «سبيشل ليبيا الإيطالي»، تَقريرًا يُفيد، بأنَّ المكلف بوزارة الدفاع في حكومة الوفاق الوطني المهدي البرغثي الموقوف عن العمل(نظريا) بسبب مجزرة براك الشاطئ العام الماضي، أعلن مُباركته للهجوم الذي نفذته الميليشيات الإرهابية بقيادة إبراهيم الجضران، والمتحالفين معه من المعارضة التشادية وسرايا الدفاع.

وأضاف «الموقع الإيطالي»، أنّهُ رُغم تنديد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج، بالجهوم الإرهابي على منطقة الهلال النفطي، في الوقت الذي اعتبره أيضًا مقدمة لحرب أهلية، إلا أنَّ وزير الدفاع الموقوف عن العمل له موقف آخر بخلاف «السراج».

وأشار «الموقع الإيطالي»، إلى أنَّ «المهدي البرغثي»، الذي لا زالَ موقوفًا عن العمل بسبب علاقته بمذبحة براك الشاطئ، يُدافع عن الهجوم الإرهابي على منطقة الهلال النفطي.

توصيف إيطالي

وكشفت صحيفة La Repubblica الإيطالية، أن ما سمته اللص «إبراهيم الجضران» كان يخطط منذ فترة طويلة للسيطرة على النفط الليبي.

وأوضحت الصحيفة، في تقريرها التي نشرته الجمعة، أن «إبراهيم الجضران» يحشد المقاتلين من قبيلته مستخدماً أموال النفط الليبي المنهوبة تمهيداً لإعادة السيطرة على شريان الحياة الوحيد في البلاد.

مطالبة بملاحقة دولية

الهجوم الذي نفذه الجضران ومليشيا إرهابية على الهلال النفطي وترك خسائر بشرية وإعلان حالة القوة القاهرة، دانته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا واعتبرت؛ أن هجوم الجماعات المسلحة التي يقودها إبراهيم الجضران وبتحالف مع سرايا الدفاع عن بنغازي وجماعات مسلحة تابعة للمعارضة التشادية، هددت أمن وسلامة وحياة المدنيين القاطنين بمنطقة الهلال النفطي.

وطالبت اللجنة في بيان لها، السبت، لجنة العقوبات الدولية بمجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات دولية على آمر حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى سابقا إبراهيم الجضران وملاحقته، انطلاقا من قراري مجلس الأمن الدولي 2174 و 2259 اللذين ينصان على ملاحقة كل من يخطط أو يوجه أو يرتكب أفعالا تنتهك القانون الدولي وحقوق الإنسان، سواء كانوا أفرادا أو كيانات تخطط أو تقوم بأعمال عنف تهدد السلام أو الاستقرار والأمن في ليبيا، بحسب البيان.

الخروج دون قيد أو شرط

ومن جانبها طالبت المؤسسة الوطنية للنفط ميليشيات ابراهيم الجضران بالخروج من مدينتي السدرة ورأس لانوف في منطقة الهلال النفطي دون قيد أو شرط.

وحذرت المؤسسة في بيان أصدرته اليوم السبت، من حدوث كارثة بيئية وأضرار جسيمة في البنية التحتية للقطاع النفطي، مشيرة إلى أن الخزان رقم 12 أحد خزانات شركة الهروج تعرض لأضرار جسيمة نتيجة هجوم ميليشيات الجضران على المنطقة.

وأكدت المؤسسة الوطنية للنفط أن استمرار وجود ميليشيات الجضران في المواقع النفطية سيتسبب في كارثة بيئية ودمار في البنية التحتية وسيكون لها أثر هائل على القطاع النفطي والاقتصاد الوطني.

 خسائر بالملايين يوميا

وكان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، قد قدر حجم خسائر الهجوم على الهلال النفطي من قبل مجموعات الجضران، بأكثر من 880 مليون دولار شهريا.

وأوضح “صنع الله”، في تصريحات صحفية، الجمعة، أن البلاد تخسر 400 ألف برميل من تصديرها النفطي يومياً، نتيجة إغلاق ميناءي راس لانوف والسدرة، واللذان أعلنت المؤسسة حالة القوة القاهرة فيهما بعد الهجوم الذي وقع الخميس.

وحذر رئيس مؤسسة النفط، من النتائج “الكارثية” والخسائر التي قد تحدث نتيجة تعطيل الموانئ النفطية والتصدير فيها في وقت كانت تسعى فيه المؤسسة إلى رفع الإنتاج والوصول إلى المستويات التي كان يبلغها في وقت سابق.

وعن مجموعة الجضران، قال: “الأحلام لا تتحقق في وجود المارق والعصابات المتحالفة معه”، محذراً من “كارثة اقتصادية” مماثلة لما حدث بين عامي 2013 و2016.

وأكمل: “الخسائر السابقة وصلت إلى أكثر من 100 مليار دولار، نتيجة الإغلاق الذي استمر لـ3 سنوات، وطالب بأن يبقى النفط بعيداً عن الصراعات، وأن “لا يستعمل النفط كألعوبة” من قبل من سماهم بـ”المجرمين””.

ردود غربية .. المهم هو النفط

قرارات مجلس الأمن الواضحة بالملاحقة، غابت عن بيانات بعض الدول التي لا يهمها من كل ذلك، سوى مصالحها المتعلقة بالنفط، وليس القوى الإرهابية التي هي جذر المسألة، فالبعثة الأممية اعتبرت” أن هذا الهجوم يعد تصعيدا خطيرا في منطقة الهلال النفطي من شأنه تعريض اقتصاد ليبيا للخطر، ويهدد بإشعال مواجهة واسعة النطاق في البلاد.

وطالبت البعثة الأممية،” الأطراف كافة بوقف الاقتتال في منطقة الهلال النفطي والعمل على إعادة الهدوء بشكل فوري، داعية إياهم بإعلاء مصلحة ليبيا من أجل وحدتها واستقرارها”.

من الواضح أن البعثة الأممية خاطبت الأطراف دون تفريق بين القوى الإرهابية التدميرية والجيش الليبي الوطني، ومن المخجل أن يكون المهم بالنسبة للبعثة الأممية هو وقف القتال في منطقة الهلال النفطي، ولا بأس أن يستمر في مكان آخر!!

وكان المهم حسب بيان الخارجية الفرنسية في ردها على عدوان الجضران والمجموعات الإرهابية، هو أن تبقى المؤسسة الوطنية للنفط هي المسيطرة على الموارد النفطية في ليبيا، وعلى ضرورة إشراف المؤسسة على إدارتها لصالح الشعب الليبي.

أما السفير الإيطالي في طرابلس فاكتفى بأن وصف العدوان المنفذ مع سبق الإصرار ب”الخطوة السلبية غير المرحب بها”، مشيراً إلى أنها تؤدي إلى “تفاقم الصراع وتعريض الموارد الثمينة التي يملكها الشعب الليبي للخطر” ولم يكشف لنا السفير الإيطالي الصراع بين مَنْ ومَنْ؟

وقالت الناطقة باسم خدمة العمل الخارجي الأوروبي في بروكسل مايا كوسيانسيتش مساء الجمعة إن موقف الاتحاد الأوروبي «واضح للغاية تجاه المستجدات المسجلة في الهلال النفطي في ليبيا، وهو أنه يجب أن تكون حقول النفط والمحطات تحت سيطرة المؤسسة الوطنية للنفط وليست جهة أخرى».

فيما أكدت الولايات المتحدة على أن “منشآت النفط وإنتاجه وإيراداته هي ملك الشعب الليبي وينبغي أن تظل تحت السيطرة الحصرية للمؤسسة الوطنية للنفط وفقاً لقراري مجلس الأمن الدولي رقم 2259 و2278، وفق بيان مقتضب نشرته السفارة الأميركية بطرابلس”.

مشكلة الدول الغربية هو انسياب صنبور النفط، ومع أنه بالغ الأهمية بالنسبة لليبيين؛ كونه مصدر الدخل شبه الوحيد، لكن هل سيكون من عائدات للنفط، في ظل وجود هذه العصابات الإرهابية؟ وهي التي سبق أن ساهمت في تدمير صناعة النفط خلال السنوات الماضية، بأن اعتبرت ثروة كل الليبيين “غنيمة” حصرية للجضران ومن يسانده من القوى التي لن تكون هناك من فائدة للنفط في ظلها.

اقتلاع الإرهاب هو الحل

إن تجربة السنوات الماضية تؤكد ذلك، حيث سبق أن مورس الابتزاز والضغط، عبر توظيف ثروة كل الليبيين؛ في تحقيق مكاسب خاصة لهذه المجموعات، وهي التي سبق أن كانت وراء تراجع إنتاج النفط إلى ما دون الـ 300 ألف برميل يوميا، إلى أن تعافي إنتاج النفط بعد تحرير الجيش الوطني الليبي للهلال النفطي من مليشيا الجضران العام الماضي وتسليمه للمؤسسة الوطنية للنفط، ليتجاوز إنتاج النفط الآن المليون برميل يوميا، بكل ما يتركه من آثار إيجابية على الموازنة العامة، كون النفط هو المصدر الرئيس للدخل في ليبيا ، لكن يبدو أن هناك من لا يريد لليبيا أن تتعافي اقتصاديا وسياسيا.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا