مقدمة تاريخ روما الحديث

0

يستعرض الأستاذ ليون أومو في هذا الكتاب نشأة روما بنظامها الجمهوري الذي تلى حكم الملوك الأتروسكيين , ويأخذنا عبر صفحاته في رحلة مشوقة نطلع فيها على مكونات شخصية المواطن الروماني وطبائعه وعلاقته بالأرض والفلاحة , وأورد في هذا الصدد مقتطفات من النثر والشعر وعلى وجه الخصوص ما قاله الشاعر الكبير فيرجيل .

وتعرّض بالتحليل لمراحل تطور النظام السياسي ومختلف أنماط الحكم بداية بعصر ما قبل نشأة روما زمن حكم الملوك الأتروسكيين ومرورًا بحكم القناصل وحكم الأقلية والحكم الفردي , هذا الى جانب الصراع على السلطة بين مجلس الشيوخ والمحامين العسكريين والمحامين عن العاميين .

وأورد فيه مقتطفات عما دونه قدامى المؤرخين الذين عايشوا حقبات مختلفة مثل المؤرخ الروماني تيت ـ ليف , والمؤرّخيْ الأغريقيين بوليب وبلوتارك . كما عرض تفاصيل أكبر مؤامرة عرفتها روما وهي مؤامرة كاتيلينا , وتاريخ إنشاء النوادي العامة التي أسسها آبيوس كلوديوس والعنف الذي مارسه هذا الأخير .

وعرض الأستاذ أومو مراحل تطور جمهورية روما إلى أن أصبحت إمبراطورية شاسعة تمتد في ثلاث قارات هي أوربا وآسيا وأفريقيا والجزيرة البريطانية . كما تعرض بشيء من التفاصيل لعهود مختلف القناصل قبل مولد السيد المسيح أبان حكومات القناصل .

وإستعرض مراحل حروب قرطاج مع روما في الحربين البونيتين , ومراحل تحول السيادة البحرية المتوسطية وإنتقالها من قرطاج إلى روما , وبروز القائد القرطاجي حني بعل وإبداعاته في القيادة وخصائص شخصيته . كما ذكر أيضًا وصفًا مقتضبًا لمحاولة ملك إيبير بيرهوس الشهير بإسم بارباروسّا إحتلال روما وإدخاله للفيلة في ساحة الحرب .

بومبي ومحاولاته العديدة من أجل الحصول على منصب قنصل , وحملته التي قضى فيها على القراصنة الذين بلغت سفنهم في المتوسط إلى ما يزيد عن ألف سفينة ، ثم سيزار الذي أصبح غريم بومبي ونزوله في الأسكندرية حيث غلّب كليوبترا في صراعها مع أخاها وزوجها على السلطة , وتعرضه لمؤامرة الأغتيال التي شارك فيها الشهير بروتوس وأخاه .

كما أفسح الأستاذ ليون مساحة كبيرة عن عهد أوكتافيوس أوغسط الذي تبناه سيزار ليخلفه , وحرب هذا الأخير ضد أنتوان عشيق كليوبترا وحليفها . ويتحدث عن إستلاء زنوبيا على الحكم وجرها في روما مكتوفة الأيادي بسلاسل من الذهب وراء عربتها الشهيرة التي كانت قد أعدتها لدخول روما بعد أن تحتلها , لكنها أخذت أسيرة إلى روما وسارت وراء عربتها .

أمّا فيما يتعلق بالصراع بين طبقة النبلاء والعاميين وتطور القوانيين الفلاحية والمدنية بما فيها خوض تجربة الزواج المختلط بين النبلاء والعاميين ووصول طبقة الخيالة إلى الهيمنة على مجلس الشيوخ فقد تناولها الكتاب بتفاصيل تدفع القاريء الى الرغبة في المزيد من الأطلاع على التاريخ الروماني . كما إستعرض بالتفصيل مراحل الترديى التي وصل فيها الجيش إلى وضع عرش الأمبراطورية في المزاد العلني .

ومساعي الأصلاح التي من ألمعها كانت الجهود التي قام بها الأمبراطور سبتيموس سيفيروس ليبي المولد بمدينة لبدة العظمى , والأباطرة الأليريين وعلى رأسهم كلود الثاني وديوكليتيان وأوريليان . وتابع الأستاذ ليون في هذا الكتاب تطور الدستور الروماني عبر كل مراحله وآداء مجلس شيوخ روما وصياغتهم لبنود المعاهدات وفرض شروط السلام بعد الحروب .

وينقل لنا الأستاذ ليون عن المؤرخ الروماني’’ تيت ـ ليف’’ هذه العبارة الجميلة التي يقول فيها بكتابه ’’ التاريخ الروماني ’’ : « إن ما تم سرده عن العصر الذي سبق تأسيس روما , وهو عصر عرفنا عنه من الأساطير الشعرية أكثر من الآثار التاريخية غير القابلة للجدل , لا أستطيع تأكيده أو نفيه .

إن دمج الأشياء الغيبية بالأنسانية كان ميزة العصور القديمة في تعظيم المدن بإدخال عنصر الألوهة في تاريخها . فإذا ما إستطاع مجتمع ما أن يؤلّه أصوله ويعود بها إلى آلهة , فإن ذلك شبيه بالمجد العسكري للمجتمع الروماني الذي سلّمت به جميع الأمم , والذي يدعي أن روميليوس أتى به من المريخ ».

وأختم هذه المقدمة بقولي إن أوربا هي الأستمرار لروما في نظمها وإبداعاتها وتألقها الفني والتقني وأساليب إدارتها , وعلينا نحن الناطقين بالعربية أن نحسن قراءة التاريخ الأوربي لنؤهل أنفسنا لعصر الخروج من غياهب عصور حكم الأمامة وتغييب الناس عن حاضر زمانهم .

ستتوالى حلقات الكتاب في بمعدل حلقة في كل يوم وأكتفي اليوم بنشر المقدمة .

المترجم / فريق بحار / رمضان الجبو

اترك تعليقا