معاقل الجماعات الإرهابية درنة وجنوب سرت.. والمناطق الرخوة في الجنوب

0

تصريحان أطلقهما مسئولان كبيران في المجتمع الدولي قد يكونا قد وضعا أيديهما على مكمن الخطر الذي يهدد أمن واستقرار المنطقة العربية الإفريقية بل والدولية عامة، وهو الجماعات الإرهابية التي تتخذ من عدة مناطق صحراوية تابعة للدولة الليبية حاضنة لها، الأول كان على لسان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، والثاني للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو في تقرير صادر عن بعثته للدعم في ليبيا.

موسى فكي خذر خلال كلمته في افتتاح القمة العربية الـ29 بالسعودية، التي انطلقت خلال الشهر الجاري الدول الأفريقية من الإرهاب والتطرف الجماعات الإرهابية تعيث فسادا في ليبيا وتعبث بوحدتها واستقرارها منذ سنوات عدة، التحذير الذي يعكس مخاوف جدية إقليمية ودولية من توطن قوى الإرهاب التي تهدد كل المنطقة في ليبيا.

إرهاب متعد للأوطان

القوى الإرهابية التي تتخذ من الدولة الليبية حاضنة استقطبت عناصر أخرى ارتبطت بأيديولوجية تلك القوى المتعدية للأوطان، والتي وجدت في تلك الدولة بيئة مناسبة بسبب الفوضى الأمنية والسياسية وتراجع حضور الدولة إن لم تبد غائبة بعد إسقاط وتدمير الدولة «النظام السابق»، من قبل حلف الناتو.

تحذير «فكي» يعكس مخاوف جدية إقليمية ودولية من توطن قوى الإرهاب التي تهدد كل المنطقة في ليبيا، ارتباطا بأيديولوجية تلك القوى المتعدية للأوطان، التي وجدت في تلك الدولة بيئة مناسبة بسبب الفوضى الأمنية والسياسية وتراجع حضور الدولة إن لم تبد غائبة بعد إسقاط وتدمير الدولة «النظام السابق»، من قبل حلف الناتو.

حراك 2011 الذي شارك فيه العديد من القوى الإسلام السياسي الليبية مثلت الرحم الذي أنتج كل هذا التطرف والإرهاب بكل مسمياته حتى الآن، فتعاظم خطر تلك القوى ومجاهرتها أنها ضد الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية، وممارسة الإرهاب الممنهج ضد أعضاء من المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية والسياسية والإعلامية والاجتماعية في بنغازي.

ذلك الخطر فرض جمع شتات المؤسسة العسكرية لمواجهة تلك القوى الإرهابية من أجل إنقاذ ليبيا، خاصة أنها صنفت ضمن قوائم الإرهاب لدى الأمم المتحدة، وتمكن الجيش رغم تلقي تلك القوى الإرهابية دعما داخليا وخارجيا من أن يلحق بها الهزيمة عبر عملية الكرامة في أكثر من موقع.

سرايا الدفاع عن بنغازي.. إرهاب متخفٍ

عمدت الجماعات المتطرفة بعد أن نجح الجيش الوطني الليبي في طردها من بنغازي وأجدابيا، إلى الاختباء خلف مسمى «سرايا الدفاع عن بنغازي»، حيث تشكل هذا التنظيم من فلول مجلسي «شورى ثوار بنغازي وأجدابيا» و«مجلس شورى مجاهدي درنة»، وهي جماعات تابعة لـ«تنظيم أنصار الشريعة»، المصنف من قبل مجلس الأمن جماعة إرهابية، وبقايا حرس المنشآت النفطية بقيادة إبراهيم جضران.

وكانت «سرايا الدفاع عن بنغازي» قد حددت هويتها الأيديولوجية والسياسية عندما أعلنت في بيانها التأسيسي أنها تتخذ من دار الإفتاء الليبية مرجعيتها فيما يتعلق بالأموال والدماء، وهي دار الإفتاء التي يرأسها الصادق الغرياني الموضوع على قوائم الإرهاب العربية.

مطلع يونيو عام 2016 كان إعلان عدة فصائل ليبية مسلحة الاندماج في كيان واحد جديد باسم «سرايا الدفاع عن بنغازي»، التي ضمت مجموعة كبيرة من مقاتلي تنظيم القاعدة والجماعة الإسلامية الليبية المسلحة، أبرزهم إسماعيل الصلابي المصنف في دول عربية إرهابيا، ومصطفى الشركسي وأبو عبد الله النوفلي، الذين شاركوا تلاوة بيان التأسيس، ومنذ ذلك الوقت خاض هذا الكيان عدة معارك مع الجيش الوطني الليبي داخل بنغازي وعدد من المدن الليبية.

بعد طردها من بنغازي، اتخذت «سرايا الدفاع» من مواقع عسكرية بمنطقة الجفرة مقرات لها، وشنت مستعينة بمرتزقة من تشاد، عدة هجمات في منطقة الهلال النفطي ومدن شرق البلاد، وآخرها الهجوم على قاعدة براك الجوية جنوب البلاد في مايو 2017 الذي أدى إلى مقتل 141 عسكريا تابعين للقوات المسلحة.

«شورى مجاهدي درنة».. تاريخ من التطرف

يتبع تنظيم القاعدة وهو تحالف لعدد من الميليشيات، ضمّ عند تأسيسه جماعة من أنصار الشريعة التي صنفها مجلس الأمن على لائحة الإرهاب منذ عام 2014، إضافة إلى كتيبة “جيش الإسلام” وكتيبة “شهداء بوسليم”، ومؤسسه هو سالم دربى، الذي انتمى سابقا إلى الجماعة الإسلامية المقاتلة، التي تبنت إيديولوجية متطرفة، وقامت بعدد من العمليات الإرهابية في ليبيا، خلال تسعينيات القرن الماضي.

ومدينة درنة أبرز المناطق التي شكلت ولا تزال ملاذا لهذه العناصر الإرهابية، نظرا لطبيعتها الجغرافية، حيث تحولت إلى مرتع رئيسي للجماعات المتطرفة خاصة تنظيم “القاعدة”، جعل منها على امتداد السنوات الماضية، مركزا رئيسيا لتجمّع الإرهابيين ولشن هجمات ضد كل من يعتبرونهم أعداء، كما باتت منطقة أساسية لتصدير وتوزيع المتطرفين إلى المدن المجاورة كسرت وبنغازي وكذلك إلى دول الجوار خاصة مصر.

ويعتبر المراقبون مدينة درنة نقطة تمركزا للعناصر الإرهابية، ولهذا السبب يعمل الجيش على استكمال تنظيف المنطقة الشرقية من القوى الإرهابية من خلال الاستعداد لتحرير مدينة درنة من القوى الإرهابية.

 درنة.. حاضنة «داعش»

ظهر التنظيم عام 2015 بالاعتماد على تواجد أنصار له في مدينة درنة، وبعد مبايعة “داعش” في سورية والعراق استولى على المدينة وأقام إدارة لها، إلى أن جرى إرغام التنظيم على الفرار من المدينة في يوليو 2015، فتوجه إلى مدينة سرت الساحلية ليفرض سيطرته عليها كاملا.

وكان التنظيم قد نشر في ديسمبر 2014 صورًا قال حينها «إنها لهجوم عناصره على ثكنة عسكرية في مدينة بنغازي»، وتظهر الصور عناصر التنظيم وموقع الثكنة التي استهدفوها، وعملية الإعداد للعملية ومراقبة الثكنة، حسب ما نشره التنظيم على موقع «المنبر».

وفي يناير 2016، كشف تنظيم “داعش” في بنغازي في تسجيل مصور بعنوان «بنغازي معاني الثبات»، مبايعته لزعيمه آنذاك أبوبكر البغدادي، واستعرض التنظيم خلال ذلك التسجيل، معسكراته التي كانت منتشرة في المدينة.

سعى «داعش» للاستفادة من الفوضى الليبية التي مكنته من وضع موطئ قدم له في ليبيا، والتوغل في عديد المدن الليبية ومنها مدينة بنغازي، إلا أن الجيش الليبي تمكن من دحره وتشتيت قواه وقضى على أبرز قياداته في المدينة.

صمود إرهابي كسره الجيش

لم تتمكن إمارة “داعش” في سرت من الصمود طويلا في مواجهة حملة عسكرية لمجموعات مسلحة من مدينة مصراته بإشراف حكومة الوفاق في طرابلس ومساعدة أمريكية، فتسرب ما بقي من فلول “داعش” متجها نحو المناطق الرخوة أمنيا جنوب سرت، حيث تسمح الجغرافيا الليبية لنمط جديد من الانتشار للتنظيمات الإرهابية كـ”داعش” والقاعدة”، ذلك أن المساحات الشاسعة من الصحراء وسلاسل الجبال الوعرة بحسب المراقبين، تشكل ملاذاً حقيقاً لها وربما يعيد التنظيم إنتاج نفسه من جديد، كما جرى في العراق، حيث ظهر مصطلح أصحاب الرايات البيضاء.

من رحم الصحراء.. كيان إرهابي متعدد الجنسيات

وكشف رئيس التحقيقات بمكتب النائب العام الليبي الصديق الصور، عن أن تنظيم “داعش” أسس كيانا إرهابيا جديدا حمل اسم «جيش الصحراء» في جنوب ليبيا، بقيادة الليبي المدعو المهدي سالم دنقو، والملقب بـ”أبوالبركات”، موضحًا أن أغلب العناصر جاءت عبر السودان.

وقال الصديق الصور، في تصريحات صحفية، إن “هذا الجيش (جيش الصحراء) تم تأسيسه بعد تحرير مدينة سرت، وهو يضم ثلاث كتائب تحت قيادة دنقو، ولكل منها قائد وهم موجودون الآن في الصحراء الليبية”، موضحا أن “التنظيم يجلب مقاتلين أجانب إلى ليبيا من دول الجوار، مثل السودان ومصر وتونس والجزائر”.

وكشف أن أكثر المنافذ الحدودية النشطة هي التي “تربط بين السودان وجنوب ليبيا مرورا بدولة تشاد، وحسب خبراء أمنيين فإن التنظيم يتواجد في مناطق وادي سوف الجين وصحراء بونجيم ومشروع اللود الزراعي جنوب وجنوب شرق وغرب سرت كمناطق نشطة مستفيدين من الصحراء المفتوحة فيها للتنقل تحت جنح الظلام.

سيولة أمنية

السيولة الأمنية جعلت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يحذر في تقرير صادر عن بعثته للدعم في ليبيا من أن “تنظيم داعش لا يزال ينشط في ليبيا ويحتفظ بالقدرة على شن هجمات إرهابية معقدة، رغم كونه لم يعد يسيطر على أراض في البلاد”، مضيفا أن “ما تسمى وحدات الصحراء التابعة للتنظيم لا تزال تعمل في الهلال النفطي، وفي المنطقة الوسطى حول الجفرة، وكذلك في جنوب ليبيا”، فضلا عن وجود “خلايا نائمة في أجزاء أخرى من البلد منها المنطقة الغربية”.

تحذير الأمين العام من خطر تحرك “داعش” وأيضا تحذير رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي من مخاطر عبث الإرهاب في ليبيا، هي رسالة للجيش من أجل استكمال تحرير درنة، حتى يستطيع ملاحقة القوى الإرهابية في الجنوب وأينما كانت، لكن بعد أن يتمكن من تأمين المنطقة الشرقية من الإرهابيين نهائيا.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا