واشنطن بوست: اقتصاد الحرب هو المحرّك الأساسي للمشاكل في ليبيا

0

رصد وترجمة/ اخبار ليبيا

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية اليوم الإثنين 23 أبريل،  مقال تحليلي عن اقتصاد الحرب في ليبيا، تحت عنوان: «شبكات من المنتفعين منتشرة في ليبيا.. هل يمكن وقفها» هذه المقالة التي اشترك في كتابتها كل من تيم إيتون، وهو باحث في برنامج تشاثام هاوس، لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتشاثام هاوس، الباحث في المعهد الملكي للشؤون الدولية، قامت المتوسط برصدها وترجمتها، ورأت نشرها كاملة دون تلخيص أو تحوير.

 

وإلى نص المقال..

لفترة طويلة، لم تحظ الدوافع الاقتصادية لنزاع ليبيا بالإهتمام الكافي. لكن هذا قد يكون على وشك التغيير، فغسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، يركز على استهداف “اقتصاد الإفتراس” في ليبيا.

وقال سلامة لرويترز مؤخرًا «أعتقد أن هذه هي القضية الأكثر أهمية اليوم في ليبيا، على الأقل في نظرتي المتواضعة، قلب المسألة في ليبيا»، وهو محق في ذلك. في ليبيا، تواصل شبكات من الفاعلين المسلّحين والمديرين التنفيذيين الفاسدين والسياسيين إيجاد طرق لكسب المال من خلال طرق مثل تهريب الوقود أو البشر، وتحويل موارد الدولة ونمو مضاربات الحماية المربحة للغاية.

يصعب تصنيف هذا النشاط، حيث يفضل البعض استخدام مصطلح «اقتصاد الظل»، ولكن هذا يشير إلى وجود اقتصاد غير شرعي يسير بشكل متوازٍ مع اقتصاد قانوني عندما لا يمكن تمييزهما في ليبيا. أنا أفضل مصطلح «اقتصاد الحرب»، لأن الكثير من الأسواق في ليبيا يعتمد الآن على توزيع العنف – إما بشكل مباشر أو غير مباشر.

إن اقتصاد الحرب هذا أكثر من مجرد علامة للمشاكل الليبية، فلقد أصبح محركًا أساسيًا لها، فهو يضع حوافز لشبكات من المنتفعين للتنافس على الموارد والسلطة وإحباط العودة إلى الإدارة المركزية الفعالة، مع وجود تأثير مدمر على الاقتصاد الرسمي.

إن تقويض هياكل اقتصاد الحرب سيكون تحديًا، على أقل تقدير، فالعائدات المتولدة من اقتصاد الحرب كبيرة ويمكن أن تفيد المجتمعات المحلية وتتركز في كثير من الأحيان في مناطق لا توجد بها سوى فرص معيشية بديلة قليلة.

بدون احتكار القوة، أصبحت الدولة ضعيفة للغاية، بحيث لا تستطيع إجبار الذين يشاركون في هذه الأنشطة. ما هو أكثر من ذلك، في كثير من الحالات، فإن المنتفعين من الحرب لهم أيضاً أدوار داخل الدولة، حيث سعت الدولة إلى تجميع الجماعات المسلحة المزعجة من خلال دمجها في وزارة الداخلية أو الدفاع.

شوهدت عوائق مثل هذه الاستراتيجيات في الشهر الماضي عندما اقتيد عميد بلدية طرابلس المركز، عبد الرؤوف بيت المال، من منزله من قبل جماعة مسلحة مجهولة الهوية، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بيت المال قد خُطف أم هو موضوع مذكرة توقيف صادرة عن سلطات الدولة.

وقد اُقترح أن احتجاز العميد قد يكون مرتبطا بمبادرة قادها أثرت سلباً على المصالح التجارية للجماعات المسلحة المحلية. فهذه المجموعات تحتفظ بسلسلة قيادتها ومصالحها الخاصة، ولا تقبل بالضرورة سلطة الدولة التي تخدمها ظاهريًا.

وفي مدينة صبراتة الساحلية، سعت حكومة الوفاق الوطني المدعومة من قبل الأمم المتحدة إلى تجنيد الجماعات المسلحة المتورطة في الاتجار بالبشر لتصبح قوة لمكافحة الإتجار بالبشر، وقد أدى هذا إلى انخفاض في عدد المهاجرين العابرين للمحيط المتوسط منذ ربيع عام 2017، ولكنه أدى أيضًا إلى تأجيج الصراع المحلي، وإضعاف كيانات الدولة التي من المفترض أن تعطل الهجرة غير الشرعية، وأكثر ما يدعو إلى القلق، إعادة تجديد السلوك المسلح في مجال جني الأرباح، هذه المرة للبحث عن الدفع لمنع تهريب البشر.

لذا، مع وضع هذه القيود في الاعتبار، ما الذي يمكن أن تفعله سلطات الدولة الليبية؟ قد تكمن إحدى الإجابات في تقويض الشرعية الاجتماعية التي تتمتع بها الجماعات المسلحة، حيث تستقطب الجماعات المسلحة أعضاء من المجتمعات نفسها التي يدعون بحمايتها، لذا من المهم أن يُنظر إليهم على أنهم يقدمون خدمة.

إن تسمية وشجب شبكات من المنتفعين التي تضر بمصالح هذه المجتمعات يمكن أن تؤثر على قدرة الجماعات المسلحة على الحفاظ على شرعيتها الاجتماعية. ومن الأمثلة على ذلك طرد العديد من مهربي البشر من مدينة زوارة الساحلية بعد شن حملة مجتمعية عليهم بعدما جُرفت جثث المهاجرين الذين غرقوا في البحر الأبيض المتوسط على ساحل زوارة في عام 2015.

ومع ذلك ، هناك حدود لهذه القوى، ففي عدد من الحالات، أسفرت محاولات مجابهة الانتهاكات إلى رد فعل عنيف وسلطت الضوء على الافتقار إلى القدرة على إنفاذ القانون. وقد ظهر ذلك في الزاوية، حيث كانت المؤسسة الوطنية للنفط غير قادرة على طرد مجموعة مسلحة من مصفاة المدينة، على الرغم من الإدانة المفتوحة لمسؤولية المجموعة المزعومة عن تهريب الوقود من المصفاة.

من المرجح أن يتوقف نهج التعامل مع اقتصاد الحرب في ليبيا على قدرة الدولة على معالجة نظام الحوافز القوي الذي يخلقه اقتصاد الحرب، وسيكون لتوليد فرص العمل أهمية خاصة بالنسبة لأفراد الجماعات المسلحة كجزء من جهود نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج. ومع ذلك ، يبدو أن البرنامج الذي يدعم هذه النتائج قد توقف.

بدلاً من القدرة على الإجبار، تواجه السلطات الليبية خيارات صعبة في نهجها لمواجهة قادة هذه الشبكات القوية من المستغلين. هنا، سوف تضطر السلطات الليبية على الأرجح إلى النظر في مسارات تسمح لهم بتحويل أرباحهم إلى نشاط مشروع. وفي حالة لا يمكن تحفيز المنتفعين بهذه الطريقة، قد يكون البحث عن طرق لتقليل هوامش الربح من النشاطات غير المشروعة جديرة بالاستكشاف.

في النهاية، هناك حاجة إلى تسوية سياسية وإدارة فعالة للنجاح في التعامل مع الهياكل التي تشكل أساس اقتصاد الحرب في ليبيا. يمكن للمجتمع الدولي تقديم دعمه لجهود السلطات الليبية، فعلى سبيل المثال، لدى العديد من المنتفعين من ليبيا مصالح مالية خارج البلاد ، والتي يمكن استهدافها، حيث قدم التعاون بين السلطات الإيطالية ومكتب المدعي العام الليبي بشأن التحقيق في شبكة تهريب الوقود الدولية، مثالاً إيجابياً عن كيفية قيام اللاعبين الدوليين بالعمل بشكل بناء لدعم مؤسسات الدولة الليبية.

ولكن مع عدم وجود تسوية في الأفق، تستمر مصالح شبكات المستفيدين في النمو، وكلما طالت هذه القضايا دون حل، كلما أصبحت المصالح الراسخة أكثر صعوبة في التراجع.

 

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا