طوابير المصارف.. أزمة انتظار السيولة تهزم إرادة المواطن الليبي

0

اخبار ليبيا: 

حالة من السخط انتابت جموع الليبيين بسبب أزمة طوابير المصارف، فعلى الرغم من ارتفاع درجات الحرارة إلا أن الطوابير لا تنتهي من ضخامة حجمها، وقد تتعجب إذا عرفت أن كل تلك الطوابير وساعات الانتظار الطويلة قد تكون من أجل الحصول على سيولة نقدية لا تتعدى 500 دينار ليبي.

«لز السعي» ليس مجرد هشتاج

أطلق عددًا من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج «لز السعي» وهي عبارة عامية ليبية قالها حارس أمن للمواطنين أمام المصارف، وتعني «قطيع أغنام».

مأساة طابور المصارف يرويها أصحابها

يقول خالد أبو عيسى، أحد المواطنين، من أمام طابور المصرف التجاري الوطني فرع الميناء، يفترش الأرض منذ يومين وينتظر السيولة: «وقفت أمام المصرف ولكن حراس الأمن منعوني من الدخول لأن عمليات السحب تقتصر على المعارف والأصدقاء وأنا لست ضمنهم».

ويتابع «أبو عيسى»: «أنا أعيل أسرة مكونة من 5 أشخاص وأسكن بالإيجار ومقيم بطرابلس منذ سنتين لأن منزلي تعرض للضرر في سرت ويحتاج إلى مبالغ طائلة لترميمه».

في سياق متصل تقول أماني بن نعسان، إحدى المواطنات، من أمام طابور فرع مصرف الجمهورية في شارع الرشيد: «موجودة أمام المصارف منذ الصباح مع مجموعة من النساء، وحراس الأمن رفضوا قيامنا بعمليات السحب بحجة الزحام، ولكن بعد هتاف الناس ضدهم، استطاع الناس الحصول على 500 دينار».

ومع إشكالية الطوابير المتزايدة كل يوم تظل الأزمة الكبرى في ضياع كل تلك الأوقات للحصول على كفاف العيش، من خلال طوابير تستهلك أوقات اليوم كله، بلا عمل أو إنتاج، في بلد يحتاج لقوته العاملة للخروج من أزمته، فكيف السبيل إلى تحقيق تلك المعادلة الصعبة.

الاحتياطي النقدي 140 مليار دولار وطوابير المصارف لاتنتهي

يقول الخبير الاقتصادي ومدير إدارة الأسواق المالية بمصرف ليبيا المركزي سابقاً؛ مصباح العكاري، هل يعقل أن يقف الليبيون في طوابير على المصارف في دولة يصل إنتاجها النفطي إلى 1.2 مليون برميل واحتياطي النقد الأجنبي فيها 140 مليار دولار؟.  

يضيف «العكاري»، أن متوسط سعر صرف الدولار في السوق الموازي في عام 2014 كان 1.70 دينار، وهي السنة التي شهدت الانخفاض الحاد في إنتاج النفط بالنسبة لليبيا وأزمة إغلاق الموانئ النفطية، وتراجع أسعار النفط عالميا.

النساء في طوابير المصارف.. مشهد مؤسف

وصف المهندس مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مشهد وقوف النساء فى طوابير أمام المصارف بأنها شيء مؤسف للغاية.

واعتبر «صنع الله» أن السبب وراء تلك الأزمة هو التقصير الواضح من بعض الجهات في أداء واجباتها لحل مشاكل المواطن الليبى.

مختار الشريفي.. شهيد طابور مصرف اجدابيا

أمام مصرف الوحدة في مدينة أجدابيا كان الموت أقرب من الراتب للشيخ محمد مختار الشريفي، الذي طال انتظاره في الحصول على قوت أولاده، فسقط على الأرض بعد أن خارت قواه، ربما لم يستطع أن يتحمل القهر والذل الذي لم يرحم شيبته، ولم يدر أحد من المسئولين بحال أبنائه، وربما طحن عقله الخوف من ألا يحصل دينانير قليلة قد تجلب السعادة على أهل بيته قبل حلول عيد الأضحى.

لم يستطع الانتظار فمات للشيخ «محمد مختار الشريفي» كمدا، حيث تم نقله إلى مستشفى الشهيد أمحمد المقريف أجدابيا التعليمي المركزي، لتؤكد الفحوصات الطبية التي خضع لها لمحاولة إسعافه تعرضه لجلطة أدت إلى وفاته، الموت رحم «الشريفي» من طابور المصارف، لكنه رحل وترك كل الليبيين ينتظرون نفس مصيره في ظل الصمت الحكومي على الأزمة التي تستعر يوما بعد آخر.

ميليشيا المصارف

الكاتب الصحفي «جمعة الترهوني» وثق عبر صفحته الشخصية بـ«فيسبوك»، بالصورة أحد مشاهد القسوة التي تتعرض لها الليبيات أمام المصارف، فيقول «مواطنة من ضمن النساء اللائي بتن الليل أمام مصرف الوحدة بجنزور في انتظار المبلغ المفروج عنه سألت أحد مليشيا مصرف الجمهورية، بعد إعطائه الرقم فأخبرها بأنه ليس لها شيئا وأن من أخذ نصيبه في في عيد الفطر لا يحق له أن يأخذ الآن إلا بعد عيد الأضحى، وصاح فيها: «والله ما دمت أنا هنا سأقرر هذا وما فيش راجل هنا يتحداني وأنا حُر».

غضب نسائي

بين الجوع والحوجة وطلب حق بات مسلوبا لا يقتصر على الرجل دون المرأة، فشرارة الغضب لا تميز أو تنتقي، هكذا كان حال النساء أمام مصرف الجمهورية فرع جنزور غرب طرابلس، اللائي كوى ظهورهن طول الوقوف في طوابير طويلة للحصول على قوت عيشهن وأسرهن، وطحنت أشعة الشمس رؤسهن، فلم يكن أمامهن للتعبير عن غضبهن سوى القيام بمظهرة واعتصام أمام المصرف أغلقن معه الطريق الساحلي.

فبعد أن انتظمن في طوابير طويلة أمام مصرف الجمهورية فرع جنزور منذ أول ساعات فجر اليوم الأربعاء، بمجرد الإعلان عن وجود سيولة نقدية، وبعد ساعات من طول الانتظار، صدمهن مسئولو الفرع بتأجيل صرف الرواتب بحجة انتظار زيادة لرفع سقف السحب من 400 دينار إلى 1000، ومع الإهانة التي تعامل بها موظفو المصرف مع النساء المتراصات أمامهم قررن إغلاق الطريق الساحلي عل صوتهم يصل إلى دولة ضاعوا في موج النسيان بين طيات مصالح مسئوليها الخاصة وطموحاتهم السياسية.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا