«حفتر» يضع مؤتمر روما في مأزق.. والصراع على ليبيا يدخل مرحلة حاسمة

0

اخبار ليبيا- عبدالله عسكر

«شخص غير مرغوب فيه» عبارة التصقت بالسفير الإيطالي في ليبيا جوزيبي بيروني، ومظاهرات انطلقت هنا وهناك ضد المستعمر القديم روما، ربما ذلك قد كتب مستقبل المؤتمر المعتزم عقده في دولة الطليان الذي ينبئ عن حدوث انقسام جديد بين الأطراف الليبية الذين جمع بينهم مؤتمر باريس نهاية مايو الماضي.

 

«الجواب يأتي من عنوانه».. هكذا يقولون في الأمثال، وربما هذا ما حدث منذ إعلان رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبه كونته، في 12 يوليو الماضي عن تنظيم مؤتمر لحل الأزمة الليبية، لجمع الأطراف الليبية التي جمعها مؤتمر باريس قبل ذلك التاريخ بنحو شهرين، إلا أن الدولتين رفعتا شعار «وضع مسودة خريطة طريق نحو الانتخابات» فتقبل المجتمع الليبي مع تأييد دولي متواضع المؤتمر الأول ورفض الثاني مع تأييد رئيس أحد الدول والعظمى في العالم وهي أمريكا.

 

مؤتمر باريس جمع وفود أربعة هم: “قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري»، وتعمل روما على جمعهم مرة أخرى في دولة الطليان، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فربما كان هذا غير ممكن بعد نشر صحف إيطالية عن مقاطعة أحد أهم الأطراف الليبية في الدولة وهو قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، هذا ما نقلته جريدة «هافينغتون – بوست إيطاليا» عن مصادر قالت إنها بمدينة بنغازي قالت «أن حفتر يعتزم مقاطعة المؤتمر المزمع إقامته في روما الخريف القادم».

 

الجريدة الإيطالية أعربت عن اعتقادها في أن المشير حفتر وضع استراتيجية متعددة الخطوات، تبدأ بالإعلان عن أن السفير الإيطالي في طرابلس جوزيبي بيروني بات شخصًا غير مرغوب فيه، والخطوة الثانية باعتبار أنه لن يكون هناك مكان آمن للأطراف التي تحمي السراج، والخطوة الثالثة، حث لأطراف الموالية له في برقة أو في غيرها من مناطق ليبيا على مقاطعة مؤتمر روما حول ليبيا في الخريف المقبل.

 

بين باريس وروما مؤتمران والهدف منهما واحد وهو حل الأزمة الليبية، لكن هناك في الكواليس مصالح حاولت باريس إخفاءها وخانت إيطاليا دبلوماسيتها فظهرت على السطح أهدافها التي نطق بها أبرز المسئولين الطليان في تصريحات أشعلت غضب الليبيين وخرجوا في مظاهرات عدة جابت شوارع العاصمة، ما وضع المستعمر القديم في مأزق جعل رئيس الوزراء وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني يعلن عبر بيان له على «فيسبوك» استعداده للقاء القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، قائلا: «لا أحمل أي ضغينة ضد حفتر، وآمل أن يلتقي الجميع حول طاولة المصالحة».

 

الخلافات الفرنسية الإيطالية حول الملف الليبي، تُجسِّد تاريخا ملتهبا من الصراع على النفوذ بالبلد النفطي، فإيطاليا ترى في نفسها الأقرب لإدارة الملف بحكم قربها من السواحل الليبية، وماضيها الاستعماري، إضافة إلى معضلة الهجرة غير الشرعية التي تثقل كاهلها، وفي المقابل، تُعوِّل باريس على علاقاتها التاريخية مع بعض الأطراف الليبية، خصوصا جنوبي البلد الذي يعتبر بوابة الهجرة القادمة من جنوب الصحراء الأفريقية، ومنطقة التماس مع مناطق نفوذها في النيجر ومالي، اللتين تخوض فيهما حرب مع تنظيمات إرهابية تتخذ من الجنوب الغربي الليبي قاعدة خلفية للهجوم على القوات الفرنسية وحلفائها في البلدين.

 

الأكاديمي والباحث الليبي، فرج دردور؛ يقول في حديث نقلته «الأناضول»: «إن كل طرف يحمل في جعبته لائحة لا تنتهي من الأسباب الخاصة التي يشرعن بها حقه في إدارة الملف الليبي، فإن أطماع البلدين تحوم على كعكة النفط، وبذلك تتجلى بوضوح معالم سباق محموم تغيب ملامحه أحيانا تحت مسمّيات وأقنعة مختلفة، لتعود وتظهر حين تشتد وطأة الأطماع، وتختنق الخيارات تحت ثقل تحركات المنافس»، على كل فإن روما أحست أن باريس وضعت جولا في شباكها بمؤتمر باريس فحاولت روما التهديف بآخر في إيطاليا وبدعم من أمريكا الذي قال رئيسها دونالد ترامب: «إن هذا المؤتمر يُمثل خطوة حاسمة في تهيئة الظروف السياسية والقانونية اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية».

 

في هذا الصراع تحاول باريس استثمار التأييد الدولي والرفض الشعبي للطليان في ليبيا، فتقول البعثة الأممية في ليبيا، «إن مجلس الأمن الدولي، تبنى الرؤية الفرنسية لحل الأزمة الليبية، وأكد على مخرجات مؤتمر باريس، وعلى رأسها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 10 كانون الأول 2018»، ويؤيدها في ذلك تونس، في المقابل تسعى روما لأخذ تأييد مصري بمؤتمرها المزمع خلال مباحثات موسعة عقدها الوزير الإيطالي مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأحد الماضي، في القاهرة، إضافة إلى توقع صحيفة «إل سولي 24 أوري» مشاركة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ممثلا لبلاده،  في المؤتمر.

 

«صراع بانت أنيابه يحاول أن يطوِّق بلدا تتقاذفه الأطماع الدولية الساعية لوضع يدها على ثرواته النفطية، ليفتح بذلك فصلا جديدا في المشهد الليبي الذي تتقاذفه أمواج عاتية لا يبدو أنها ستمنحه فرص الرسو على شاطئ سلام، ليس في القريب العاجل على الأقل»، كما يقول المحلل السياسي التونسي، نزار الجليدي.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا