إيطاليا تتصارع مع فرنسا على ليبيا وتتدخل بشؤونها كأنها ملكية

0

اخبار ليبيا _ محمد السيد

عندما يتحدث رئيس الوزراء إيطالي جوزيبي كونتي ووزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا عن ليبيا، فإن الموجه له الحديث سيفهم أن المسؤولين الإيطاليين، إنما يتحدثان عن شأن داخلي إيطالي بامتياز، وهي رسالة تريد إيطاليا إيصالها للداخل الليبي وللخارج، مفادها أن القرار بشأن ليبيا يجب أن يمر من روما.

لا.. يا وزيرة الدفاع

ولعل أكثر من عبر عن ذلك وبوقاحة وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا

عندما حذرت نظيرتها الفرنسية، فلورنس بارلي، على هامش الاجتماع الوزاري بمقر الناتو في بروكسل من التوسع في ليبيا قائلة: “لنكن واضحين.. القيادة في ليبيا لنا”.

السفارة  الإيطالية في طرابلس كانت قد وضحت إن “نص التصريحات التي أدلت بها ترينتا كانت (ليبيا أولوية لإيطاليا وليست ملكية)”، وأشارت إلى أن “إيطاليا أكثر بلد تهتم بتحقيق الاستقرار في ليبيا”.

لكن يبدو أن اهتمام إيطاليا هو أحادي الجانب كونه يشترط أن تكون إيطاليا قبل أن تكون ليبيا، وهو ما يمكن قراءته في تقرير صحيفة “لاستامبا” الإيطالية التي تقول: أن “حفتر يوظف انتصاراته العسكرية لتوسيع دائرة نفوذه وتهديد إيطاليا والاتحاد الأوروبي، بوقف التعاون في ملف الهجرة الحيوي للأوروبيين”.

 

تحلف إيطالي أمريكي

ولذلك دعت الصحيفة إلى إرساء تحالف عملي وفعلي بين الولايات المتحدة وإيطاليا لإدارة الوضع في ليبيا والتصدي لسعي فرنسا، وتوجيه العملية السياسية في البلاد وإزاحة إيطاليا وضرب مصالحها.

الوزيرة الإيطالية، “طلبت مساعدة واشنطن للقيام بدور قيادي في إحلال السلام في ليبيا”، وذلك خلال مباحثات كانت أجرتها مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون في العاصمة الإيطالية روما.

ويبدو أن الولايات المتحدة استمعت للطلب الإيطالي ليأتي تعيين الدبلوماسية في السفارة الأمريكية في ليبيا ستيفاني ويليلمز نائبا للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة الفرنسي الجنسية، لكي تساهم في توجيه العملية السياسية في البلاد، حسب صحيفة لاستامبا الإيطالية.

ليبيا أولولية

نظرة المِلْكية هي التي تجعل رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، يقول يوم الجمعة 27 تموز(يوليو)، إن «إيطاليا لن تدعم التعجيل في الانتخابات الليبية قبل إتمام عملية التوافق السياسي في ليبيا».

“كونتي” أوضح في حوار مع صحيفة كورييري ديلا سيرا، أن ليبيا أولوية لبلاده، وهم ينسقون مع الوزراء في الحكومة، وباستراتيجية واضحة تجاهها، مضيفا أنه أخبر الرئيس الفرنسي أن إيطاليا لن تدعم الاقحامات والهروب إلى الأمام، وأن المصالحة في ليبيا ينبغي أن تسبق الانتخابات، وفق قوله.

واعتبر رئيس الحكومة الإيطالية أن مركز الاهتمام في هذه المرحلة هو ليبيا وشمال إفريقيا، موضحًا أنها منطقة «مزعزعة بسبب الحسابات الاستراتيجية الخاطئة للغرب»، ونقطة انطلاق يصل عبرها المهاجرون إلى أوروبا.

الانتخابات خطأ فادح

من جانبها قالت وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا «أنه من الخطأ في ليبيا إجراء انتخابات قبل إتمام المصالحة». وقالت خلال لقائها مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج إن «عملية المصالحة في ليبيا يجب أن تكون شاملة»، معربة عن قناعتها بأن «الحديث عن انتخابات جديدة قبل استكمال هذه العملية خطأ».

وحذرت المسؤولة الإيطالية في تصريحات لها «من أن عدم حدوث ذلك، يعني أننا سنجد أنفسنا أمام المشكلات نفسها، سواء أكان من جانبنا كإيطاليا، أم من ناحيتكم في ليبيا»، كما اعتبرت أنه «يجب على بلدان أخرى أن تفهم ذلك أيضا».

عقبات أمام الانتخابات

لكن وبعيدا عن التنافس الفرنسي الإيطالي ما هي آفاق إجراء هذه الانتخابات؟  يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة طبرق، سعد مفتاح العكر  هناك عدة أسباب قد تحول دون إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نهاية العام الجاري. منها  هذه العقبات:الناحية الأمنية، موضحاً أن رئيس مصلحة الأحوال المدنية السابق، محمد بوكر، قال في 8 يوليو/تموز الجاري، إنه لا يعرف كيف زاد عدد الليبيين إلى 7 مليون، وأكد أن قاعدة بيانات الناخبين أضيف لها أكثر من مليون شخص وهمي، وهوما ينذر بوجود تجاوزات ستشوب الانتخابات، لافتا إلى أن الحالة الأمنية لا يمكن اختزالها في قوة تحتكر السلاح فقط، وإنما الحالة الأمنية ترتبط بأجهزة تستطيع حصر الناخبين بدقة، وكذلك بأجهزة ومؤسسات قادرة على جمع المعلومات وتحليلها، فضلا عن الاستقرار اللازم لذهاب المواطنين لصناديق الانتخابات. وبعد الانتخابات، تحتاج البلاد إلى قوة موحدة مثل الجيش والشرطة، تلزم بقبول نتيجة الانتخابات.

السبب الثاني هو رفض القوى السياسية المشاركة في الاتفاق التوافق فيما بينها لتنفيذ بنوده، موضحا أنه حتى الآن لا يوجد تصور لقوانين الانتخابات، وما إذا كانت ستتم على أساس فردي أو على شكل قوائم حزبية، فضلا عن أن مجلس النواب الذي يعمل بالتشريع، لا يستطيع أن يسن قانون للانتخابات أو للأحزاب أو غيرها، في ظل استمرار تهديدات مجلس الدولة له بالطعن على القوانين، في حال تضمنها تقسيم ليبيا إلى 3 دوائر انتخابية.

أما السبب الثالث، وفقا للعكر، هناك عدم توافر إرادة دولية لنزع السلاح من الميليشيات، مؤكدا أن الدول الفاعلة في المجتمع الدولي، وخصوصا أمريكا لو أرادوا بالتعاون مع السلطات الأمنية الليبية وعلى رأسها الجيش نزع السلاح من الميليشيات، سيفعلون، مدللا بما حدث خلال عام 2014، عندما أرادت السفيرة الأمريكية أن تخرج من ليبيا بالتزامن مع حرب فجر ليبيا، حيث أوقفت الحرب، بحسب العكر، لمدة 6 ساعات حتى خرجت السفيرة، ودلل أستاذ العلوم السياسية أيضا بأن أمريكا قبضت على أبو أنس الليبي من وسط طرابلس، ولو أرادت نزع السلاح الليبي من الميليشيات وتسليمه للجيش الليبي ستفعل.

وحدد العكر السبب الرابع لصعوبة إجراء الانتخابات الليبية قبل نهاية العام الجاري، في الصراع المحموم بين فرنسا وإيطاليا، من جانب ودول الجوار من جانب آخر، على النفط الليبي، واستخدام ورقة الانتخابات كستار لمطامعهم.

محذور الاستقطاب الداخلي

ولعل المحذور الأهم، هو انعكاس الصراع الفرنسي الإيطالي على خيرات ليبيا، إلى حالة من الاستقطاب الداخلي، بهدف الاستقواء بهذه الدولة أو تلك، من قبل هذا الطرف الليبي أو ذاك، وأحد تجلياتها هي ما نشهده من محاولات إيطاليا في مصراتة، وفرنسية إيطالية في الجنوب، فيما تمارس سفارات تلك الدول دورا مشبوها في حراكها نحو المناطق، في غياب روادع دبلوماسية قانونية.

لكن ما يجب أن تعرفه إيطاليا وفرنسا، أن ليبيا رغم كل ما تعانيه ليست غنيمة أو إرثا، يتم الاستحواذ عليه، من قبلهما، وصراعهما استخفاف وتجاهل لإرادة الشعب الليبي؛ الذي هو صاحب الحق في تحديد خياراته؛ دون تدخل خارجي.

 

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا