“مكيّفات السّعف”.. تطلّ من الماضي لتقهر الحرّ

0

جعلتنا الحياة العصرية نركن ما تركه لنا الأجداد في المخازن المعتمة، وفي الصناديق القديمة، ليتوه في الزوايا المنسية للذاكرة، لكن صروف الدّهر جعلتنا نلجأ إليه من جديد، ننفض عنه غبار الزمن ونُعيده إلى حياتنا من الباب الضيّق.
كان الليبي يتحايل على الطّقس وعلى الظروف بطُرقٍ بسيطة وأدوات يصنعها بنفسه، ليتّقي بها الحاجة، فكانت “مروحة السّعف” اليدوية تجسيدا لهذا الذكاء الفطري المدعوم بمكوناتٍ جادت بها جغرافيا المكان، فلم يكن يخلو منها بيتٌ في ليبيا تقريبا، يلجأ إليها الجميعُ لتحريك سكون الهواء الساخن، فتهُبّ النسمات الطارئة التي تكفي لتنعش الجسد المُنهَك، أو على الأقل تكتفي بمداعبة قسمات الوجه الذّابلة.
طردت مكيّفاتُ الهواء ووسائلُ التبريد العصرية “عروسَ السّعف” هذه، وقوّضت مهمتها النبيلة في محاربة القيظ، لتجعلها مجرّد أداةٍ للزينة، تُكمِل هيئة النساء الأنيقات، أو ديكور جميل يتّكئ على الحيطان.

انقطاع الكهرباء

لم يكن الأجداد ليتوقعوا عودة الأحفاد المُلِحّة للماضي، فانقطعت الكهرباء ليُظلِم الوطن، وتخذلنا المكيّفات التي أخرسها “هروب الضّي” المستمر، لنبحث في أشيائنا القديمة عن “الّلمبارات” و”الفنارات” طلبا للنور، وتمتدّ الأيادي إلى قصبات “مراوح السّعف”، لتُلوّح بها من جديد، طلبا لبعض “الرّواح”.
يبدو أن مقوّمات الحياة العصرية تنحسرُ شيئا فشيئا عن المشهد، لنعود خطواتٍ إلى الوراء، ونعانق _مجبَرين _ إرث الجدود، وهنا تتجلّى حكمتهم التي جعلتهم يُصدّرون لنا الحلول الناجعة لأزماتنا، فيرسلون لنا أشياءهم، لترافقنا في موسم الشقاء و”العازة”.

 

لقراءة المقال كاملا ارجوا مطالعة المصدر 

اترك تعليقا