مصالحة “الزنتان” و”مصراتة” بين الترحيب والتشكيك ..وتاورغاء خارج التغطية

0

اخبار ليبيا:
أصدر منظمو ملتقى المصالحة بين مدينتي مصراتة والزنتان الذي انطلق اليوم الأربعاء 28 آذار (مارس) بمدينة الزنتان، تحت شعار «المصالحة من أجل الوطن» بيانا مشتركا أكد على حرمة الدم بين أبناء الشعب الليبي كافة، وتحقيق أهداف ثورة السابع عشر من فبراير والتأكيد على مدينة الدولة.
وشملت البنود التي اتفق عليها المجتمعون من المدينتين، تأكيد العمل على المصالحة الوطنية الشاملة لكافة أبناء الشعب الليبي، وعدم السماح بتقسيم ليبيا والنيل من وحدة أراضيها، والدفع لبناء دولة القانون والمؤسسات والتداول السلمي للسلطة.
وشدد المجتمعون على بذل الجهود لتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية المتمثلة في الجيش والشرطة ودمج الثوار في هذه المؤسسة تحت السلطة المدنية، ومحاربة الإرهاب بكافة أنواعه وفي أي مكان من ربوع ليبيا.

تشكيك ورفض
ورغم احتفاء وترحيب البعض بهذه الخطوة المرحب بها من البعض وغير غير المفهومة من البعض أيضا، حيث فاجأ بعض أهل الزنتان الجميع بتسجيل الاعتراض على هذه الخطوة، والتشكيك في أهدافها الحقيقية، حيث أصدر مجلس أعيان قبائل الزنتان بياناً نفى فيه مسؤوليته عن أي مصالحة تتم بعيداً عن إشرافه .
وأكد المجلس في بيانه بأن قبائل الزنتان دائماً ما كانت راعية للحوار والمصالحة مؤكدة بأن الحوار الوطني والانخراط في المصالحات عامة هو السبيل الوحيد لرأب الصدع ودعم مؤسسات الدولة والحفاظ على وحدتها من شبح التقسيم .
لكن المجلس شكك في صدقية نوايا الطرفين، وقال إننا نرفض رفضا قاطعا الصلح الذي يقوم من أجل ” تكوين أحلاف جديدة حتى لا يستقر الوطن” والذي يسعى حسب بيان قبائل الزنتان ” للمناصب والرتب الزائفة ونهب أموال الليليين بالباطل ” فالصلح حسب البيان لا يكون إلا بشروط عادلة وبرعاية أطراف فاعلة ونزيهة”.

ومجلس قبائل الزنتان زاد فقال إنه يرفض “أي صلح يتم عبر قادة المليشيات والمجرمين القتلة الذين قال إن أيديهم ملوثة بدماء أبناء الزنتان ظلماً وعدواناً مشترطاً أن يكون الصلح مع مصراتة من أجل ليبيا فقط وعبر الشرفاء منها” وفقاً لنص البيان .
بيان قبائل الزنتان الذي بنى رفضه على محذور تشكيل أحلاف جديدة كسبب أول، ثم رفض الصلح الذي يتم عبر من أيديهم ملوثة بدماء أبناء الزنتان وغيرها من المدن من قادة المليشيات والمجرمين كما وصفهن البيان كسبب ثاني.

تشكيك مضاد بصحة التمثيل
وبخلاف أعيان قبائل الزنتان أعلن المجلس العسكري الزنتان و المجلس البلدي واللجنة الاجتماعية الزنتان ، رفضه لما صدر عن بيان أعيان قبائل الزنتان بخصوص المصالحة مع قبائل مصراتة.
وقال المجلس ، في بيان أصدره، أن مجلس أعيان قبائل الزنتان غير رسمي، مشيرين إلى أن مايصدر عنه لا يمثل رأي المدينة ، مؤكدين على دعمهم للجهود الرامية للمصالحة ولم الشمل بين مدينتي مصراتة والزنتان.

السبب في بطن الشاعر
هذا لا يمنع من طرح سؤال السبب من هذه الخطوة من مصراته، ولماذا تحديدا الزنتان تحديد؟ا، في حين أن تاورغاء المهجرة ، منعت عنوة من العودة إلى مدينتها، رغم الاتفاق مع مصراته الذي رعته حكومة الوفاق، والأبعاد الإنسانية بالغة القسوة لمأساة تاورغاء، التي كانت عبارة عن اقتلاع مجموعة بشرية بكاملها من وطنها الصغير عسفا وجورا وظلما.
لكن عودة أهل تاورغاء لا تصرف سياسيا في إطار الاستحقاقات المقبلة، لذلك فالأولوية للصلح بين الزنتان ومصراته التي تأتي في إطار لملمة شتات ثوار فبراير بعد حالة العزوف الشعبي الذي تعيشه الحالة الليبية , نتيجة التجربة المريرة التي عاشها معظم الشعب جراء الخراب السياسي والفوضى الأمنية وحالة الإفقار التي طالت كل الناس، إضافة للفساد ومافيات التهريب والتجارة بالبشر وأرزاق الليبيين ، وهو ما استدعى حالة حنين مشروع للمرحلة السابقة رغم كل ما يمكن أن يقال عنها.

ولا يمكن تجاهل بروز عامل آخر مهم أثار ذعر البعض، والذي مثلته المشاركة الشعبية الكثيفة للتسجيل في سجل الناخبين، من شعب غاضب وفاقد الثقة بمعظم من أداروا البلاد خلال السنوات السبع العجاف، وجاء إعلان بعض رموز النظام السابق ومنهم سيف الإسلام القذافي للترشح للانتخابات كتهديد مباشر لرعاة مسار أكدت التجربة قصوره البين.
هذا من جانب ومن جانب آخر شكل نجاح الجيش الوطني في تصفيه مراكز الإرهاب وتطهير مدن الشرق والهلال النفطي باستثناء درنة التي يجري التعامل معها حاليا، وكذلك تأمين بعض مناطق الجنوب، رغم الدعم اللوجستي من مدن في الغرب ( مصراته) لحرب تلك القوى الإرهابية ضد الجيش.
والسؤال هل الزنتان الآن لم تعد ثورة مضادة ؟ أم أن الحرب كانت من أجل إحكام السيطرة وتحقيق المصالح بالعاصمة وبعض المناطق جنوبها، وكيف يمكن أن نوصف ما لحق بمطار طرابلس العالمي من حرق وتدمير للمال العام، ونهب للبيوت وحرق الممتلكات في غرغور والفلاح وقصر بن غشير وحي الأندلس وقرقارش ومناطق ورشفانة وتهجير أهلها.

الوطنية لحقوق الإنسان..سبب التحفظ
هذه الأسئلة تتقاطع مع البيان الذي أصدرته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، مساء السبت 28 نيسان ( أبريل) وعلقت فيه على الاجتماع المشترك الذي تم بين عدد من أعيان وحكماء وقادة تشكيلات وجماعات مسلحة من مدينتي الزنتان ومصراتة.
حيث بداية أعربت عن ترحيبها ودعمها الكبيرين لكافة الجهود والمساعي والمبادرات الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية والاجتماعية والسياسية الشاملة في ليبيا التي تحقق التوافق الوطني والاجتماعي وتوقف جميع أشكال التصعيد المسلح وأعمال العنف وتطوي صفحة الماضي و تحافظ على الأمن والسلم الاجتماعي وعلى الوحدة الوطنية والاجتماعية و تؤسس للتعايش المشترك فيما بين كافة المكونات الاجتماعية والثقافية للمجتمع الليبي وتنطلق من أراده وعزيمة وطنية وبما يحقق المصلحة الوطنية العليا وتتوافق مع إرادة وخيارات الشعب الليبي وكذلك بما يكفل ضمان حقوق الضحايا والمتضررين وجبر الضرر ورد المظالم ويضمن ويحترم سيادة القانون والعدالة.

ألا أن اللجنة أبدت تحفظها الكامل نحو ما جاء في بيان وميثاق مصالحة المدينتين، نظرا إلي أنه لم يتطرق إلي ضمان حقوق الضحايا والمتضررين جراء النزاع المسلح الذي وقع فيما بين عدد من التشكيلات والجماعات المسلحة من المدينتين أثناء أحداث العنف التي وقعت في أواخر سنة 2014 بمدينة طرابلس وامتدت إلي غرب مدينة العجيلات والجميل وإلي منطقة بئر الغنم أقصي غرب البلاد.

وأدان البيان من تسبب في أعمال العنف والنزاع المسلح سقط جراءها ضحايا ومصابين في صفوف المدنيين وإحداث خسائر مادية كبرى وتدمير للمرافق والمنشأة الحيوية والإستراتيجية، والتي من بينها مطار طرابلس العالمي ومستودع خزانات الوقود بطريق المطار وأملاك المواطنين، و كذلك نظرا إلي عدم ضمان جبر الضرر ورد المظالم للمتضررين وإعادة المهجرين والنازحين، بالإضافة إلي عدم التطرق إلي ضمان تقديم الجناة والمتورطين في ارتكاب الجرائم والانتهاكات الجسيمة جسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الممنهجة للقانون الدولي الإنساني، وذلك جراء النزاع المسلح الذي وقع وما خلفه من حجم خسائر كبيرة في الأرواح والأملاك الخاصة والعامة ، والذي ما من شأنه أن يرسخ لحالة الإفلات من العقاب ويمنح الحصانة للجناة من الملاحقة القانونية.

ودعت اللجنة المجلسين البلديين وحكماء وأعيان مدينتي الزنتان ومصراتة إلي ضرورة الإقرار بسلسلة الأخطاء التي ارتكبتها الجماعات والتشكيلات المسلحة التابعة والمحسوبة على المدينتين بحق أبناء الشعب الليبي، وإرسال برقيات اعتذار من الطرفين لكل الليبيين عن الأخطاء التي ارتكبت و لما سببه النزاع المسلح الذي وقع وما خلفه من ضحايا ومصابين مدنيين ومعاناة إنسانية مر بها المواطنين بمناطق النزاع خلال سنة 2014.

ترحيب بالخطوة
هذا الموقف لم يمنع بعثة الأمم المتحدة ترحيبها بجهود المصالحة الأخيرة والاتفاقية الموقعة بين مدينتي مصراتة والزنتان.
وبدورها رحبت الجزائر باتفاق المصالحة بين الزنتان ومصراتة، قائلة إن هذا الاتفاق يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح لتحقيق المصالحة والوفاق الوطني في ليبيا.

وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية الجزائرية عبد العزيز بن علي الشريف أن بلاده تدعو دائما إلى المصالحة والحوار بين الأشقاء الليبيين، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية.

إن أي خطوة باتجاه تصفية الخلافات بين مصراتة والزنتان أو أية أطراف أخرى، هي ضرورة وطنية ، على ألا يكون بهدف خلق اصطفافات غير مبدئية ، ولتطهير من أجرموا ومارسوا جرائم الحرب ، وسرقوا المال العام والخاص.

واستقواء البعض بهذه المصالحات على الغير، يمثل أحد المحاذير التي تساهم في زيادة تعقيد المشهد الليبي لأنها وصفه لحضور عقلية الانقسام والإقصاء، والبديل هو أن يكون المعيار واحدا للجميع، على أن يتحلى بحد عال من المبدئية والنزاهة الفكرية والسياسية والأخلاقية بدلا من الميكافللية بكل أبعادها، لأن هذه ستكون للاستخدام مرة واحدة ، وهذا السلوك لا يبني وطنا.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا