التناقضات الليبية..ضخامة في العوائد النفطية وانحدار في الظروف المعيشية

0

اخبار ليبيا – سامر أبو وردة

اكتُشف النفط في ليبيا لأول مرة عام 1958، وبدأ الإنتاج عام 1961، ويشكل نحو 94% من موارد البلاد، وتعتبر احتياطيات النفط في ليبيا هي الأكبر في أفريقيا، والتاسعة عالمياً من بين عشر دول لديها أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة.

وفي العام 2010، أي قبل اندلاع أحداث فبراير 2011، بلغ معدل الإنتاج اليومي نحو 1.65 مليون برميل.

وما يصعب على العقل استيعابه، أن بلد تمتلك هذه الثروات النفطية الضخمة، فضلاً عن احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي تقدر بنحو 1549 مليار متر مكعب، أي نحو 0.83% من احتياطي العالم، في حين بلغ حجم المسوّق منه 15.9 مليار متر مكعب، أي 0.53% من إجمالي الغاز المسوق في العالم، تعاني أزمات اقتصادية خانقة، وأزمات نقص السيولة، ويعاني مواطنوها بشكل يومي في المصارف، فضلاً عن تأخر صرف الرواتب.

ولكن الأوضاع المأساوية التي تعيشها ليبيا، من انقسام سياسي، وتمزق واقتتال وفوضى انتشار السلاح، وسيطرة للميليشيات، وعمليات التهريب، يمكن أن توضح لنا زوايا هامة في الصورة، فبحسب مصطفى صنع الله، رئيس مجلس ادارة مؤسسة النفط الليبية، فإن خسائر قطاع النفط في ليبيا، بسبب عمليات التهريب والسرقة تبلغ 750 مليون دولار سنوياً.

وما أبقى ليبيا صامدة حتى الآن، بالرغم من هذه الخسائر الفادحة، هو سيطرة قوات الجيش الوطني، على منطقة الهلال النفطي، وتوليها عملية تأمينها من أماكن الإنتاج داخل الحقول النفطية، وصولا إلى موانئ التصدير.

فبحسب وزير المالية والتخطيط بالحكومة المؤقتة، كامل الحاسي، فقد تعافى القطاع النفطي، بعد سيطرة الجيش على منطقة الهلال النفطي، ليصل إلى مليون برميل يوميا، بعد انخفاض وصل إلى رقم هزيل، لم يتجاوز حاجز الـ 300 برميل.

وأصبحت معاناة المواطن الليبي أمام المصارف، في العاصمة طرابلس، ووقوفه في طوابير طويلة والانتظار لساعات، على أمل الحصول على جزء من راتبه، بمجرد أن يتنامى إلى مسامعه خبر توافر بعض من السيولة النقدية، عرضاً يومياً مستمراً، وذلك فضلاً عما يقوم به أفراد الميليشيات المسيطرة على هذه المصارف، من إهانة لكرامة المواطن، وسرقة للمخصصات النقدية التي تصل إلى خزينة المصرف.

أما في المنطقة الشرقية، فحدث ولا حرج، حيث يعاني المواطنون من تأخر صرف الرواتب لفترات تصل في بعض الأحيان إلى 4 أشهر، وتلجأ الحكومة المؤقتة، التي تسيطر على شرق البلاد، إلى الاقتراض من أجل توفير المرتبات.

فبحسب وزير مالية الحكومة المؤقتة، كامل الحاسي، فقد وصل إجمالي الدين العام المحلي إلى 24 مليار و856 مليون دينار، وهو ما يمثل إجمالي الإنفاق الحكومي، شاملاً المرتبات.

أما الجنوب، الذي يعاني من ويلات الاقتتال والاشتباكات التى تتجدد بشكل شبه يومي، وصار مرتعا للعصابات والمليشيات التشادية والسودانية والنيجرية، فحتى النفط، لا يتحصلون عليه، وتتوقف امداداته، لكي تكتمل كل عناصر صورة المعاناة، لترسم فسيفساء غاية في القبح.

ويظل تخبط وفساد المؤسسات المالية، والصراعات الدائرة بينها، كما شهدنا في أزمة المصرف المركزي مع ديوان المحاسبة، وسط غياب تام لأي دور للأجسام السياسية من برلمان ومجلس رئاسي ومجلس استشاري، وانشغالهم في الصراع السياسي الضيق، والصراع على السلطة، حائلاً وسداً منيعاً، أمام أحلام المواطن الليبي، التي تضاءلت، حتى صار أكبرها، توفير الحد الأدنى من احتياجات المعيشية، وصارت في قاع هرم الحاجات الإنسانية.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا