قصة معتقل ليبي سابق في غوانتانامو.. والترحيل المرتقب من السنغال إلى ليبيا

0

 

رصد وترجمة/ المتوسط:

نشر موقع (ذي انترسيبت)، وهو صحيفة إلكترونية أمريكية، تقريراً مطولا عن معتقل ليبي سابق في غوانتانامو، يواجه الترحيل إلى ليبيا، وقد رصدت «المتوسط» التقرير، وترجمته حرفيا، دونما اختصار أو تحوير، مع التنويه أن ما جاء في التقرير يعبّر عن وجهة نظر موقع (ذي انترسيبت).

وجاء بالتقرير:« لأكثر من 14 سنة، تم سجن المواطن الليبي عمر خليفة محمد أبو بكر دون محاكمة من قبل الولايات المتحدة في معتقل خليج غوانتانامو. لم يُتهم قط ، ناهيك عن إدانته ، بأي جرائم. وبعد معاناة سنوات من التعذيب وسوء المعاملة، تم الإفراج عن خليفة, وترحيله إلى السنغال في عام 2016».

كان إطلاق سراح خليفة نتيجة لصفقة تم التفاوض عليها من قبل محاميه مع الحكومة الأمريكية. وقال محامي خليفة، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة ولاية نيويورك ، رمزي قاسم ، إن الاتفاق يضمن صراحة أن يكون للمواطن الليبيى، عمر خليفة محمد أبوبكر،  الحق في الاستقرار الدائم في السنغال وإعادة بناء حياته هناك ، بدلاً من إعادته إلى ليبيا التي مزقتها الحرب.

وبالإضافة إلى تدهور الوضع الأمني في بلده، فإن وضع خليفة كمعتقل سابق في غوانتانامو، فضلاً عن خلفيته القبلية ، يعني أن إعادته إلى بلده الأصلي يعني حكمًا شبه مؤكد بالإعدام.

وفي ذلك الوقت، أوضح المسؤولون السنغاليون أنهم لا هم ولا البنتاغون يعتبرون خليفة (ومعتقل ليبي آخر أطلق سراحه من معتقل غوانتنامو في نفس الوقت, وجرى ترحيله إلى السنغال) يشكلان تهديدًا. وقال وزير العدل السنغالي سيديكي كابا “هؤلاء ببساطة رجال يجب أن نساعدهم لأنهم أبناء أفارقة تم اختبارهم لسنوات”. وأضاف الوزير السنغالي:”من المهم ، بموجب شروط القانون الأمريكي ، أن يتمكن هؤلاء المعتقلين من الوصول إلى اللجوء الإنساني”. وتابع الوزير قائلاً أنه “لم يُعرف على المواطنين الليبين أنهما كان من الجهادين”.

وأعلن البيان الرسمي الصادر عن حكومة السنغال في ذلك الوقت أن “حكومة جمهورية السنغال قد منحت اليوم اللجوء الإنساني لمواطنين ليبيين ، أحدهما معاق ، احتُجز دون محاكمة لمدة 14 عامًا ، رغم أنه لم يتم توجيه أي تهمة ضدهما. وأضاف البيان: “هذا اللجوء ، والذي تم منحه وفقا لاتفاقيات القانون الدولي الإنساني ذات الصلة ، هو أيضا جزء من تقاليد الضيافة السنغالية والتضامن الإسلامي مع شقيقين أفريقيين،  أعربا عن رغبتهما في إعادة توطينهما في السنغال”.

عندما تم الإفراج عن خليفة، كشفت الصحفية كارول روزنبرغ من صحيفة ( ميامي هيرالد )، تفاصيل عن وضعه الصحي قائلة: “خليفة فقد ساقه من أسفل الركبة, نتيجة حادث لغم أرضي في عام 1998 في أفغانستان ، والساق الأخرى مثبتة بدبابيس معدنية من حادث وقع في موقع انشاءات عام 1995 في السودان, وفقا لمحاميه. كما أن خليفة يعاني من فقدان النظر في عينه اليسرى »، ورأى مجلس البنتاغون أن خليفة يستوفي شروط الأفراج  عنه, وأن وضعه الصحي العام سئ.

لكن في الأسبوع الماضي، يبدو أن وزارة الخارجية الأمريكية قد تخلت عن التزاماتها عند إطلاق سراح خليفة، حيث أبلغته في مذكرة مكتوبة باللغة العربية سلمتها له السلطات السنغالية يوم الأربعاء الماضي، أن مدة إقامته المسموح بها في البلاد قد انتهت، وأنه سيتم ترحيله إلى ليبيا في 3 أبريل.

وبالإضافة إلى تعريض حياته للخطر، فإن الرسالة تتعارض بشكل مباشر مع التأكيدات التي قدمها إليه مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية عندما أطلق سراحه من معتقل غوانتانامو، حيث وُعد بأنه سيُسمح له بالبقاء في السنغال بشكل دائم,  ولن يتم إعادته إلى ليبيا تحت أي ظرف من الظروف. وتمت هذه الوعود كجزء من مفاوضات بين محامي خليفة ومكتب وزارة الخارجية، المكلف بإغلاق معسكر الاعتقال في غوانتانامو.

الجدير بالذكر أن محتجزون آخرون قاوموا إجراءات إرسالهم إلى بلدان مختلفة خوفاً مما سيحدث لهم كمعتقلين سابقين في غوانتانامو. ولهذا السبب ، قام محامو المعتقلين بالتفاوض بشأن شروط لضمان سلامتهم عند إطلاق سراحهم.

كما تلقى معتقل آخر في غوانتانامو ليبي، يدعى سالم عبدالسلام غريبي, أفرج عنه أيضاً, وجرى ترحيله إلى السنغال في نفس وقت ترحيل خليفة، إخطاراً مماثلاً الأسبوع الماضي يبلغه بترحيله الوشيك إلى ليبيا. كلا الرجلين يواجهان الآن مستقبلاً غير مؤكد، ولكنه خطير للغاية لدى عودتهما إلى ليبيا.

وفي حديثه إلى صحيفتنا، قال قاسم، محامي خليفة ، إنه بدون تدخل فوري من جانب وزارة الخارجية الأمريكية للوفاء بالتزاماتها بوقف ترحيله من السنغال ، فإن خليفة يواجه احتمال الموت الوشيك في ليبيا.

وأضاف المحامي قاسم : “اعتمد موكلي وأنا على تأكيدات حكومة الولايات المتحدة قبل عامين, بأن إعادة توطين السيد خليفة في السنغال ستكون دائمة, وأنه لن يواجه خطر الإعادة القسرية إلى السجن والتعذيب في ليبيا, لكن الآن ، وزارة الخارجية الأمريكية تنصلت من الموضوع.  بغض النظر عمن يجلس في البيت الأبيض اليوم، يجب على الولايات المتحدة الوفاء بوعودها. بالنسبة للسيد خليفة، هذه مسألة حياة أو موت “.

ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية والمسؤولون السنغاليون على الفور على طلب التعليق على القضية.

في السنتين منذ إطلاق سراح خليفة من غوانتانامو، تمكن من إعادة بناء بعض مظاهر الحياة الطبيعية في السنغال. وعلى الرغم من الأمراض الجسدية المعطِلة والصدمات النفسية التي عانى منها بسبب احتجازه، فقد خطب خليفة امرأة سنغالية وبدأ في وضع خطط للإستقرار والعمل في البلاد على المدى الطويل.

في هذه الأثناء، سقطت ليبيا في فوضى أكبر بعد ثورتها عام 2011 وتدخل عسكري لاحق لحلف الناتو ضد حكومة معمر القذافي. واليوم، تخضع البلاد لسيطرة مجموعة من الجماعات المسلحة المنقسمة ، والفصائل السياسية والقبائل التي غالباً ما تتعارض مع بعضها البعض. لو أعيد خليفة إلى أي من المطارين الرئيسيين في البلاد ، وكلاهما في أيدي القبائل المعادية والفصائل السياسية ، فمن المحتمل أن يتم احتجازه على الفور ، وأن يتعرض للتعذيب ، بل حتى يتم إعدامه.

إذا كان خليفة سيطير إلى طرابلس، فإن الفصائل المسيطرة على العاصمة ستفترض أنه إسلامي بحكم احتجازه بدون إجراءات قانونية من قبل الولايات المتحدة، وبالتالي سوف يعتبرونه تهديدًا. لكن خياره الآخر، مصراته ، يخضع لسيطرة قبيلة يقول إنها مناوئة له ، مما يعرضه للخطر على الأقل عند عودته.

يقول خليفة، إن الخيانة الظاهرة من جانب الحكومة الأمريكية بوعودها إليه بعد إطلاق سراحه من جوانتانامو،  قد وضعته في موقف مستحيل. واعترف اثنان من المسؤولين الحكوميين الليبيين الذين التقيا معه في السنغال لمناقشة ترحيله المعلق، بأنه سيكون من المستحيل ضمان سلامته في ليبيا ، وأخبراه خلال اجتماع أنهما، “لا يستطيعان حتى ضمان سلامتهما الخاصة في ليبيا ، ناهيك عن سلامته”.

بعد أن أمضى بالفعل عقدا ونصف من حياته في السجن من قبل الحكومة الأمريكية دون توجيه اتهام، يواجه خليفة الآن احتمال اقتلاعه من حياته الجديدة فجأة وإرساله إلى الموت شبه المؤكد في ليبيا.

وقال خليفة في بيان له إلى صحيفتنا، “إذا أخبرتني الحكومة الأمريكية قبل سنتين بأنني سأبقى في السنغال مؤقتًا، فقط لأُرسل إلى ليبيا بعد عامين ، بغض النظر عن الوضع في ليبيا ، كنت سأرفض إعادة التوطين في السنغال, وكنت قد اختارت البقاء في غوانتانامو عن التعذيب والموت في زنزانة في ليبيا “.

وأضاف: “لقد أحببت السنغال وشعبها. الأصدقاء السنغاليون الذين تعرفت عليهم هنا يدعونني لحفلات الزفاف والاحتفالات. لقد تعرفت عن الممارسات الإسلامية المختلفة التي يتبعها الناس هنا ، بما في ذلك الصوفية. كنت أتوقع أن أتزوج هنا وأن أبني حياتي في السنغال – وهذا ما أريده.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا