قبل «الأضحى».. الليبيون يموتون أمام المصارف والمسئولون غائبون

0

اخبار ليبيا- عبدالله عسكر

 

«الشعب في واد والحكومة في واد آخر».. عبارة يمكن رفعها على المنشآت المصرفية مع قدوم عيد الأضحى المبارك، علها تحد من غضب المواطنين المتراصين على المصارف، في مساع أشبه برحلة عذاب لمحاولة الحصول على حقوقهم المالية التي ربما بالكاد تكفي فقط معائش تجعلهم أحياء على أرض بلد أصبحت كرامتهم فيها مهانة.

حرب المذلة للحصول على الحق

يترقب الليبيون الحصول على رواتبهم في مصارف البلاد المنتشرة في طولها وعرضها، مثل الظمأن الذي يحارب من أجل قطرة ماء تبقيه على الأرض حيا، مأساة ربما باتت مشاهدها مألوفة لدى المسئولين فلم تحرك فيها ساكنا أو تسمع لهم همسا لحل أزمة نقص السيولة النقدية التي أصبحت شعلة غضب مدفونة في قلب كل مواطن يتعامل مع تلك المصارف، تزيد وطأتها وتخفت مع ضغوط الحياة.

«الشريفي».. شهيد تقصير الحكومة

أمام مصرف الوحدة في مدينة أجدابيا كان الموت أقرب من الراتب الشيخ «محمد مختار الشريفي»، الذي طال انتظاره في الحصول على قوت أولاده، فسقط على الأرض بعد أن  خارت قواه، ربما لم يستطع أن يتحمل القهر والذل الذي لم يرحم شيبته، ولم يدر أحد من المسئولين بحال أبنائه، وربما طحن عقله الخوف من ألا يحصل دينانير قليلة قد تجلب السعادة على أهل بيته قبل حلول عيد الأضحى.     

لم يستطع الانتظار فمات للشيخ «محمد مختار الشريفي» كمدا، حيث تم نقله إلى مستشفى الشهيد أمحمد المقريف أجدابيا التعليمي المركزي، لتؤكد الفحوصات الطبية التي خضع لها لمحاولة إسعافه تعرضه لجلطة أدت إلى وفاته، الموت رحم «الشريفي» من طابور المصارف، لكنه رحل وترك كل الليبيين ينتظرون نفس مصيره في ظل الصمت الحكومي على الأزمة التي تستعر يوما بعد آخر، والمسئولين حيال الأزمة «أذن من طين والأخرى من عجين».

غضب نسائي

الجوع والحوجة وطلب حق بات مسلوبا لا يقتصر على الرجل دون المرأة، فشرارة الغضب لا تميز أو تنتقي، هكذا كان حال النساء أمام مصرف الجمهورية فرع جنزور غرب طرابلس، اللائي كوى ظهورهن طول الوقوف في طوابير طويلة للحصول على قوت عيشهن وأسرهن، وطحنت أشعة الشمس رؤسهن، فلم يكن أمامهن للتعبير عن غضبهن سوى القيام بمظهرة واعتصام أمام المصرف أغلقن معه الطريق الساحلي.

فبعد أن انتظمن في طوابير طويلة أمام مصرف الجمهورية فرع جنزور منذ أول ساعات فجر اليوم الأربعاء، بمجرد الإعلان عن وجود سيولة نقدية، وبعد ساعات من طول الانتظار، صدمهن مسئولو الفرع بتأجيل صرف الرواتب بحجة انتظار زيادة لرفع سقف   السحب من 400 دينار إلى 1000، ومع الإهانة التي تعامل بها موظفو المصرف مع النساء المتراصات أمامهم قررن إغلاق الطريق الساحلي عل صوتهم يصل إلى دولة ضاعوا في موج النسيان بين طيات مصالح مسئوليها الخاصة وطموحاتهم السياسية.

ميليشيا المصارف

الكاتب الصحفي «جمعة الترهوني» وثق عبر صفحته الشخصية بـ«فيسبوك»، بالصورة أحد مشاهد القسوة التي تتعرض لها الليبيات أمام المصارف، فيقول «مواطنة من ضمن النساء اللائي بتن الليل أمام مصرف الوحدة بجنزور في انتظار المبلغ المفروج عنه سألت أحد مليشيا مصرف الجمهورية، بعد إعطائه الرقم فأخبرها بأنه ليس لها شيئا وأن من أخذ نصيبه في في عيد الفطر لا يحق له أن يأخذ الآن إلا بعد عيد الأضحى، وصاح فيها: «والله ما دمت أنا هنا سأقرر هذا وما فيش راجل هنا يتحداني وأنا حُر».

شرارة الغضب تتكرر

مظاهرة النساء تلك لم تكن الأولى، فقد سبقتها أخرى للرجل في مطلع الشهر الجاري، حيث أكد حينها مدير مكتب الإعلام بمجلس غريان البلدي حامد النويصري، خروج عدد من سكان المدينة في مظاهرة؛ احتجاجا على شح السيولة النقدية في مصارف المدينة، مشيرا إلى أن السيولة النقدية لم تتوفر في المدينة منذ عيد الفطر، وأن المظاهرة تسببت في حدوث ازدحام شديد وارتباك في حركة المرور داخل المدينة.

فإلى متى تنهب أموال الليبيين عيانا بيانا في وضح النهار في جرائم فضحها ديوان المحاسبة قبل شهرين، ولم يتقدم المتورطين للمحاكمة حتى الآن، في الوقت الذي يموت فيه المواطنين للحصول على بضع دنانير ليست هبة، ولا نهبا ولا سرقة بل حق عرق أرهق أجسادهم للحصول عليه؟  

 

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا