“الأزمة الليبية” مابين اتفاقية باريس.. وموقف القوى السياسية “الحاضر الغائب”

0

اخبار ليبيا:

تصر إيطاليا على شق طريق مواز لمبادئ باريس لحل الأزمة الليبية، وذلك لأنها تعارض بقوة خارطة الطريق تلك، التي تم التوافق عليها في 29 أيار ( مايو) الماضي؛ لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية.

الانتخابات كلمة السر

وكانت أطراف ليبية رئيسية قد اتفقت في باريس على خارطة طريق للحل كلمة السر فيها الانتخابات، في وجود حشد دبلوماسي دولي مهم، مثل  بريطانيا والصين وروسيا والولايات المتحدة، التي مثّلها سفراؤها، في حين أن البلدان الأفريقية بعثت بممثلين رفيعين، كرؤساء تشاد والنيجر والكونغو وتونس، ورئيس الحكومة الجزائري، ووزير خارجية المغرب، ومستشار الرئيس المصري في الملفات الاستراتيجية.

“كونتي”.. ليبيا لا تخص “ماكرون”

وإذا كانت الانتخابات كلمة السر لدي فرنسا،  فهي ليست كذلك لدي إيطاليا، وهو ما كشفه رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، الذي انتقد فرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون، واعتبر أن  “ماكرون، سيكون مخطئا فيما لو اعتقد أن ليبيا تخصه. فليبيا ليست له ولا لنا، بل هي دولة مستقلة لها علاقة مميزة تاريخيا مع إيطاليا أيضا، ولن نتخلى عنها أبدا”.

ولأن كونتي لن يتخلى عن ليبيا كما يقول، أعلن يوم أمس الخميس، معارضته تنظيم انتخابات بليبيا في ديسمبر المقبل، مثلما تم الاتفاق عليه بين عدد من أطراف النزاع في ليبيا، في مؤتمر باريس، الذي رعته فرنسا، وأيدت الأمم المتحدة نتائجه.

وفي إطار تأكيده لهذا الرفض قال للتلفزيون الحكومي قال كونتي “أخبرت الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، خلال قمة مجموعة السبع بكندا في يونيو أن هدفنا ليس تنظيم انتخابات بليبيا في ديسمبر، كما يريد (ماكرون)، ولكن استقرار البلاد”.

واستدرك قائلا “العلاقة مع ماكرون، ممتازة وتتسم بالصداقة، لكن الأخير يسعى للدفاع عن المصالح الفرنسية، بينما واجبي أن أحمي المصالح الإيطالية”.

روما..عصي في الدواليب

روما في ترجمتها لهذه المعارضة، والتي قد تُفهم على أنها وضع للعصي في الدواليب، أعلنت أنها تعتزم تنظيم مؤتمر دولي حول ليبيا الخريف المقبل، بمشاركة كل من أمريكا، والدول المعنية بالأزمة الليبية والفرقاء الليبيين.

رئيس الوزراء الإيطالي الجديد جوزيبي كونتي، برر هذا المسعى الذي سينسف ما اتفق عليه في مؤتمر باريس، بقوله إن” الاستقرار في ليبيا مسألة لا يمكن أن تهم إيطاليا ولا فرنسا حصرا، معتبرا أن هناك الكثير الذي يتعين القيام به، مع احترام حقوق بلد لا ينبغي أن يستمر في معاناة الضغوط من أطراف دولية أخرى.

كونتي اعتبر أن ليبيا بحاجة إلى رعاية ، وكأننا برئيس الوزراء الإيطالي يقول “ومن أقدر على هذه الرعاية من إيطاليا” فليبيا حسب كونتي يجب مرافقتها على المسار، الذي يقود إلى الديمقراطية، محذرا من مسارعة الخطى أكثر من اللازم، والذي سيؤدي بدوره الى تنافر الغايات، ومن ثمة الفوضى الشاملة.

مبادئ باريس..إملاء فرنسي

نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني كان أكثر وضوحا ومباشرة حول موقف إيطاليا من الحل السياسي في ليبيا بقوله:” إن عملية الاستقرار في ليبيا لا ينبغي أن تمر عبر قفزات” متسارعة وغير مدروسة إلى النتائج، “.

سالفيني لم يقف عند توصيف الخطوات بأنها متسارعة وغير مدروسة، وإنما ذهب إلى أبعد من ذلك، بالقول بأن هذه الخطوات هي ” إملاء فرنسي” بكل ما يحمل مفهوم الإملاء من إرغام طرف على طرف آخر ، وهو يحمل معنى التقليل من الطرف الآخر باعتباره  ضمن هذا المعادلة  ” ناقص الإرادة”،  وهو حسب التحليل الإيطالي  الطرف الليبي .

وهو كما يقول سالفيني تصرف فرنسي جاء من منطلق مصالح وطنية صرفة”، في إشارة إلى التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ضد نظام العقيد معمر القذافي .

وأضاف سالفيني، خلال تصريحات له ،” القفزات إلى الأمام عديمة الجدوى ولن تفيدا أحدا”.

وقال سالفيني، ” إن هناك حاجة إلى الحذر والانتباه والاحترام لرغبات الليبيين”.

رؤيتان للحل

الموقف الإيطالي يشير إلى أن هناك رؤيتين للحل السياسي في ليبيا ، أحدهما فرنسية ممثلة في مبادئ باريس تتبناها بقوة فرنسا ، وأخرى إيطالية  تؤكد على رؤية الأمم المتحدة للحل والتي سبق أن أطلقها غسان سلامة في الأمم المتحدة أيلول( سبتمبر) 2017، وفي خضم هذا التباين الواضح والذي له امتدادات داخل ليبيا  بين الأطراف السياسية؛ ومراكز القوى المحلية ، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاثنين الماضي ،تعيين القائمة بالأعمال الأميركية السابقة لدى ليبيا، ستيفاني ويليامز، نائب لرئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

 أميركا شريك في اللعبة

وبحسب بيان أممي نشرته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على صفحتها على تويتر مساء الاثنين 16 تموز ( يوليو)، فإن ويليامز ستعمل إلى جانب غسان سلامة.

تعيين وليامز هو بمثابة انخراط أميركي مباشر في قضية الحل السياسي في ليبيا؛ في ظل حالة من الاستقطاب الثنائي بين باريس وروما، جعل وزيرة الدفاع الإيطالي إليزابيتا ترينتا تصرح لصحيفة ليجورنالي ” في ليبيا القيادة لنا يا فرنسا “ويبدو أن الوزيرة الإيطالية تتعجل إعلان عودة ليبيا كمستعمرة إيطالية بشمال أفريقيا.

حتى لا تربح باريس

وهو يتوافق مع الرغبة الإيطالية  التي عبر عنها رئيس الوزراء الإيطالي  جوزيبي كونتي وهو أن ” الاستقرار في ليبيا مسألة لا يمكن أن تهم إيطاليا ولا فرنسا حصرا”، وهي دعوة مباشرة لأمريكا للانخراط في الموضوع الليبي،  سبق لرئيس الوزراء الإيطالي السابق جنتليوني أن طالب بها أثناء زيارة على الولايات المتحدة في شباط( فبراير) الماضي.

التعيين الجديد لستيفاني ويليامز كنائب لغسان سلامة الفرنسي الجنسية، يمكن قراءته على أنه يأتي، بعدما “تخلي مبعوث الأمم المتحدة، غسان سلامة، عن خطته التي أعلن عنها في نيويورك، بعد جولتين من المفاوضات، واعتمد على الخطة الفرنسية التي تقضي بالذهاب إلى الانتخابات”.

مؤشر إيجابي

هذا التعيين رأي فيه عضو المجلس الأعلى للدولة عن مدينة مصراتة أبو القاسم قزيط، مؤشر إيجابي على زيادة الدور الأميركي في ليبيا، لإقامة توازنات بين جميع الأطراف.

ويقول قزيط: “نحن متفائلون بتعيين ستيفاني ويليامز لما لديها من خبرة في الملف الليبي، من خلال عملها السابق في السفارة الأميركية، وسنشهد بعثة أممية أكثر تحررا من الضغوط التي كانت تخضع لها من بعض الدول”.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا