طلاب الثانوية العامة بين مطرقة أمن طرابلس وسندان حرية التعبير

0

اخبار ليبيا:

سارعت الجهات الأمنية في طرابلس إلى إطلاق التوصيفات الجاهزة بأن استخدمت تعبير ” خفافيش الظلام” و” أعداء الوطن”، لمن اعتبرتهم المسؤولين عن احتجاجات طلاب الثانوية العامة التي تحتضن مدرجات جامعة طرابلس امتحاناتهم؛ على صعوبة مادة اللغة الإنجليزية.

سياسة الترهيب المعنوي

مديرية أمن طرابلس ذهبت بعيدا في اتهامها بالقول إن ترديد “هتافات تسيء لشخصيات عامة وتهدف للنيل من هذا الوطن من خلال نشر الفتنة والعبث” ، بأن حمَّلت المحتجين مسؤولية النيل من الوطن، معتبرة أن ما تم دعوة لنشر الفتنة والعبث ، والسؤال كيف لعدد محدود من الطلاب الذين احتجوا على صعوبة مادة وعلى قرار إجراء الامتحانات بالشكل الذي جرى عليه؛ أن ينالوا من الوطن وينشروا الفتنة والعبث؟!

بيان مديرية الأمن حمل استخفافا بقدرة ووعي وإدراك وذكاء الطلاب وإمكانية التعلم من عالم الفضاء المعرفي السياسي المفتوح أمامهم في هذا السن، عندما قالت” أنه لا يمكن أن يتصور أحد أن يقوم أولادنا الطلبة بترديد عبارات ذات مدلول سياسي أبعد ما تكون عن مستوى تفكيرهم وعقليتهم» معتبرة أن «هذا العمل لن يكون إلا نتاج لتحريض وخبث من أصحاب المصالح الضيقة الذين يغظهم استقرار الوطن ولا هدف لهم إلا تحقيق مصالحهم الشخصية ونيل الكراسي والمناصب”.

المديرية أكدت أنها لن تسمح «بأي أعمال تخريبية للممتلكات العامة والتعدي على سيارات المارة والاعتداء على حرمة الجامعة من حرق وتدمير للمرافق التعليمية» لافتة إلى أن «الانجرار للتخريب والعبث طريقه مسدود ولن يؤدي لنتيجة»

واعتبرت مديرية أمن طرابلس أن «ما حدث اليوم بمحيط جامعة طرابلس من تجمع فوضوي وترديد عبارات تحمل في تصنيفها جرائم لكونها عبارات قذف وسب وشتم لآخرين» ورأت أن «ما قام به مجموعة من الطلاب من حرق للإطارات بالطريق العام ومحاولة التعدي على مرافق الدولة، أمر خطير» مكررة مطالبتها لأولياء الأمور بالتنبيه على أبنائهم الطلبة بضرورة الالتزام «بامتحاناتهم فقط وعدم الالتفات للمحرضين والمجرمين ذوي المصالح الضيقة».

كما دعت المديرية أولياء الأمور إلى تحمل مسؤولياتهم في متابعة أبنائهم الطلبة «والنأي بهم عن مسالك الإجرام من أعمال تخريبية وتهجم على الآخرين» وقدمت التحية لرجال الأمن المكلفين بتأمين الجامعة ومحيطها «على تحليهم بالحكمة وضبط النفس وعدم الانفعال والانجرار لاستخدام القوة».

وأكدت مديرية أمن طرابلس أن رجال الأمن تصرفوا «بعقلانية» وتعاملوا مع الموقف وتصدوا «للمشاغبين من الطلاب» الذين «تم النظر لهم بعين الرأفة كونهم صغار بالسن ولا يدركون حجم المخاطر الناجمة عن أعمالهم تلك».

 إدانة تصرفات أمن طرابلس

وفي حين حمل بيان مديرية أمن طرابلس هذا الكم من الاتهامات، كان للجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، رأي آخر حيث أدانت ما تعرض له طلبة الشهادة الثانوية المتظاهرين داخل جامعة طرابلس أمس الأحد، مؤكدة أنها تتابع بقلق بالغ حادثة إطلاق النار العشوائي من قبل عناصر الفرقة الأولي التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني، لتفريق طلبة الشهادة الثانوية المتظاهرين احتجاجاً على بعض الأمور المتعلقة بالامتحانات.

وتابعت اللجنة في بيانها “بالإضافة الي اعتقال عدد 150 طالب من بين الطلاب المتظاهرين سلميا ومن قبل جهاز البحث الجنائي طرابلس التابع لمديرية أمن طرابلس والفرقة الأولي وتعذيب الطلاب المحتجزين، وإطلاق سراح عدد منهم”.

وأكدت اللجنة، أن عددا منهم لا يزال معتقلا حتى الان مما يعد عرقلة لهم عن مواصلة الامتحانات ومخالفة واضحة لما وعدت به وزارة التعليم من تسهيل اجراء الامتحانات للطلبة ، بالإضافة إلي إدراج اسماء الطلبة الذين تم احتجازهم من قبل البحث الجنائي في منظومة أصحاب السوابق الجنائية وهوا أمر جد خطير.

وأكملت: “وإذ تتابع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، هذه الواقعة المأسوية التي ارتكبت بحق الطلبة فإن اللجنة تعرب عن إدانتها واستنكارها الشديدين إزاء هذه الممارسات المشينة وغير القانونية في سلب ومصادرة حق التظاهر السلمي لأي مواطن وخاصة شريحة الطلاب والطالبات”.

وأضافت اللجنة، أن ما أقدم عليه عناصر الأمن المكلفين بتأمين وحماية مقر إجراء الامتحانات الثانوية من قمع لحرية التعبير والرأي ومصادرة حق التظاهر السلمي للطلبة المحتجين أمر مرفوض شكلا ومضمونا ويعد انتهاكا صارخ للإعلان الدستوري المؤقت وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والثقافية والاجتماعية وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وحملت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، المسؤولية القانونية الكاملة تجاه ما ارتكب بحق الطلبة المتظاهرين سلميا بجامعة طرابلس ظهر يوم أمس الأحد وعدم ضمان أمن وسلامة الطلاب والطالبات من أي خروقات وتعديات عليهم وعلى سلامتهم لوزير التعليم والبحث العلمي بحكومة الوفاق الوطني.

وطالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني باتخاذ موقف واضح وصريح من هذه الواقعة المؤسفة التي ارتكبت بحق الطلبة بجامعة طرابلس وتشكيل لجنة تحقيق مع وزير التعليم والبحث العلمي ومحاسبته نتيجتا لما ارتكب بحق طلاب الشهادة الثانوية بجامعة طرابلس.

بداية القصة

وكانت جامعة طرابلس قد شهدت يوم الأحد مظاهرات لطلبة الشهادة الثانوية امتدت إلى خارجها بحسب مصادر إعلامية مع إطلاق رصاص في الهواء؛ ما تسبب في إرباك الطلبة، وتأتي التظاهرة احتجاجا على وضع الامتحانات وصعوبة الاسئلة في بعض المواد بصفة عامة ومادة اللغة الإنجليزية بشكل خاص.

وكانت وزارة التعليم بحكومة الوفاق بإطلاق قد أطلقت جملة من الإجراءات الاستثنائية التي أربكت الطلبة وأهاليهم حيث قامت بنقل امتحانات جميع الطلبة إلى القاعات الجامعية وتحت إشراف أعضاء هيئة تدريس ومعيدي الجامعات في محاولة للقضاء على ظاهرة الغش حسب وصفها، ووفرت الوزارة حافلات تقل الطلبة من مدارسهم إلى قاعات جامعة طرابلس وسط حراسة أمنية مشددة.

ولم تلاقي هذه الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها الوزارة استحسان أغلب الطلبة كون أن إجراء هذه الامتحانات تسبب لهم في رهبة كبيرة كونهم غير متعودين على القاعات الجامعية ومدرجاتها الدراسية.

وفيما يعتبر تبرير لإجراء امتحانات الثانوية العامة في الجامعة ما صرح به في وقت سابق وكيل وزارة التعليم بحكومة الوفاق عادل جمعة من أن ظاهرة الغش في الامتحانات برزت بعد أن بلغت نسبة النجاح في المرحلة الثانوية الـ95% خلال العام الدراسي 2012- 2013 مقارنة بـ76% في العام 2009-2010.

وأوضح بأن هذه النسب المرتفعة وغير الواقعية تسببت في وجود أعداد كبيرة من الطلبة للدخول إلى الجامعات الليبية/ مما اضطرنا إلى إجراء امتحانات المفاضلة بنفس الأسئلة، ولكن بظروف مختلفة حيث كانت نسبة النجاح في العام الماضي 92.65 ، ولكن داخل قاعات جامعية وتحت إشراف أساتذة جامعيين كانت النسبة أقل من 50% ، وهذا مؤشر يؤكد أن النسب العامة خلال السنوات الماضية هي نسب غير واقعية وأن زيادة الغش وعدم انضباط لجان الامتحانات ساهم في أن تكون النسب بهذه الطريقة.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا