مساعٍ إخوانية لتحويل ليبيا إلى «بيت مال» إقليمي للتنظيم الدولي

0

يكتشف الليبيون تدريجيًا كم كانوا ضحية لجماعة الإسلام السياسي «جماعة الإخوان المسلمين»، التي كانوا جزءًا من الحرب على ليبيا كأحد أدوات العدوان عام 2011، رغم ما كان النظام السابق قد قدم لهم عبر ما سميت حينها «سياسة الاحتواء» من خلال المصالحات والتعويض جراء مناوأتهم للدولة واستخدام العنف ضدها.

 

جماعة الفكر «المخاتل»

الوفاء لفكرها «المخاتل» هو أحد سمات هذه الجماعة؛ أكدته التجربة التاريخية منذ عام 1928 حتى الآن، والتجربة تقول أنهم جماعة دأبت على استخدام العنف لتحقيق أغراضها السياسية، كما حدث في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، والسودان عندما انقلب البشير والجماعة على الانتخابات الديمقراطية، ومصر عندما سرقوا آمال المصريين عام 2011، وفي قطاع غزة بانقلابهم الدموي عام 2007 من أجل إقامة إمارة إخوانية في القطاع، وفي سوريا عندما جمعوا كل أفاقي العالم لإسقاط الدولة.

هذه التجربة  تقول وبالملوس؛ أنه لا عهد لهم ولا ميثاق، وأن المستقر في عقل هذه الجماعة هو سياسة التمكين من أجل السيطرة، ولا بأس من «التقية» من أجل تحقيق هذا الهدف، وقد عملوا في ليبيا من أجل ذلك، ووظفوا كل إمكاناتهم وآلتهم الدعائية والإعلامية بمساعدة مركزهم في إمارة قطر، ونجحوا في إزاحة الخبرات والكفاءات الوطنية الليبية، من أجل خلق حالة فراغ وظيفي عبر قانون العزل السياسي، مع استمرار شيطنة كل الليبيين الذي كانوا جزءًا من الوظيفة العامة طوال العقود الماضية، من أجل عملية الإحلال لعناصرهم في مفاصل الدولة، في ظل حالة عالية من الترهيب مارستها الميليشيات القريبة منهم وأدواتهم السياسية والإعلامية.

 كشف المستور

ويبدو أنَّ ظهور القيادي البارز في جماعة الإخوان، فتحي عقوب، يوم الخميس، متحدثاً باسم إدارات المصرف المركزي بطرابلس بصفته أميناً لسر المصرف وإداريًا في مجلس إدارته في المؤتمر الصحافي الذى عقدته هذه الإدارات للحديث عن آخر فصول الأزمة المالية والأمنية التي يتهم المصرف بالتسبب بها في البلاد، قد أجاب على سؤال لماذا يمارس المصرف المركزي كل هذا التخريب والإفقار؟

وأيضا يمكن فهم لماذا يرفض المجلس الاستشاري الذي يرأسه القيادي الإخواني خالد المشري، قرار مجلس النواب بتسلم محمد الشكري مسؤولية المصرف المركزي خلفًا للصديق الكبير، الذي كشف سفير ليبيا لدى تركيا، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين الليبية عبد الرزاق مختار في مارس الماضي، أنه هو من رشح الصديق الكبير لمنصب محافظ مصرف ليبيا المركزي بعد خلافات للمجلس مع سلفه قاسم شرح البال عزوز، والذي وصفه مختار بأنه أخفق وفشل في إدارة مرفق حيوي.

تمويل الإرهاب

ليكون السؤال هل المصرف المركزي، مصرف لليبيين أم مصرف الإخوان المسلمين ولخدمة مخططاتهم؟ وهل هو حافظ لمقدرات الليبيين وثرواتهم؟ أم أنه في خدمة الإرهابيين والميليشيات؟ وجزء من عملية النهب الممنهج لثروات الشعب الليبي حسب توصيف مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة؟

رئيس مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة الدكتور عارف النايض، أجاب على جزء من سؤال من يخدم مصرف ليبيا المركزي؛ أو “مصرف الإخوان المركزي”،  بأن كشف دور الصديق الكبير في خدمة جماعة الإخوان الليبية وذلك في محاضرة للنايض بمؤسسة “هيريتج للدراسات” في واشنطن خلال جولة قام بها الأخير في الولايات المتحدة وأوروبا إبان هجوم سرايا الدفاع عن بنغازي الإرهابية على خليج السدرة وتأكيده تورط مصرف ليبيا المركزي في دعم وتمويل الجماعات الإرهابية.

معهد التمكين

ولعل أحد تجليات خدمة الصديق الكبير الصارخة،  لجماعته هو تعيين الإخواني سليمان عبدالقادر الذي يحمل درجة علمية في الهندسة كمدير لمعهد الدراسات المصرفية، الذى يعد بمثابة كلية مالية متكاملة ومتطورة وقد تم تجهيزها سنة 2008 بإمكانيات متقدمة، الأمر الذى يشير أيضاً إلى مدى إحكام قبضة جماعة الإخوان على مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، بحيث يكتمل المشهد بوجود مصطفى المانع أيضاً كأبرز القيادات الإخوانية في البلاد بتوليه حالياً مهام مستشار قانوني للصديق الكبير.

ما يثير الريبة هو أن معهد الدراسات المصرفية في طرابلس؛ أن سليمان عبد القادر حسب بعض المصادر جعل من المعهد بؤرة لتدريب الجيل الشاب من الإخوان لتأهيلهم على التغلغل مستقبلاً في مختلف مفاصل القطاع المصرفي، وهو الهدف القديم الجديد للجماعة التي تتهم بأنها تسعى إلى تحويل ليبيا لبيت مال إقليمي للتنظيم الدولي للإخوان في ليبيا.

ويستحضر وجود عقوب ونفوذه في مصرف ليبيا المركزي جدية التساؤلات حول دور عقوب في تمويل الإرهاب عبر منصبه في مصرف ليبيا المركزي، في ظل الحديث عن تسريب شيكات قدمت من المصرف كمصروفات لمجلس شورى ببنغازي الإرهابي بالتنسيق مع القيادي بالجماعة المقاتلة خالد الشريف وكيل وزارة الدفاع السابق المقرب من الإرهابي عبد الحكيم بلحاج.

 نفي المؤكد

ويبدو أن جماعة الإخوان شعرت أن الحقلة بدأت تضيق، على الأقل من زاوية كشف دور المصرف في تمويل الإرهاب، وقرار الجيش بتسليم الموانئ النفطية لمؤسسة النفط التابعة للحكومة المؤقتة من أجل تجفيف موارد الجماعات الإرهابية والإصرار على تغيير مجلس إدارة المصرف المركزي طرابلس.

ولذلك حاول أمين سر مصرف ليبيا المركزي، الإخواني فتحي عقوب، خلال مؤتمر صحفي للمصرف أمس الخميس نفى اتهام مصرف ليبيا المركزي بتمويل الجماعات المسلحة، مؤكدًا أن المنظمات الدولية أعطته صك البراءة، مشيرًا إلى أن هذه الاتهامات تؤدى إلى زعزعة الثقة في مصرف ليبيا المركزي.

محاولة عقوب إبعاد شبهة دعم الإرهاب عن المصرف المركزي، كانت محاولة بائسة واستمرار في التضليل الذي عودتنا عليه الجماعة كونها جزء من ثقافتها.

شهادة من حاضنتهم التاريخية

هذا التضليل كشفته شهادة للسفير البريطاني السابق في ليبيا بيتر مليت، الذي لا يمكن اتهامه أنه محسوب على المشير حفتر، ذلك أن بريطانيا كانت تاريخيا حاضنة الإخوان وتنظيمهم الدولي. حيث اتهم محافظ المصرف المركزي في طرابلس الصديق الكبير، بدعم الإرهاب وإذكاء الحرب الأهلية عن طريق تخصيص الأموال الضخمة لأفراد الميليشيات المسلحة.

وجاءت هذه الاتهامات في جلسة استماع استثنائية، عقدت أمام مجلس العموم البريطاني بشأن مستجدات الوضع في ليبيا.

وقال مليت: «في ليبيا يكفي أن يشعر الشاب بالملل ليترك كل شيء ويحمل السلاح، بعد أن ينضم لإحدى المجموعات المسلحة ليتحصل على راتب جيد موقّع من الصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي دون أن يقدّم أي عمل مفيد».

وأكد أن مصرف ليبيا يغذي الحرب الأهلية بدفعه مرتبات كافة المجموعات المسلحة في البلاد، وأن الانتشار الواسع لهذه المجموعات يشكل معضلة حقيقية.

 المسماري ..اتهام بالوثائق

شهادة ميليت تؤكد ما كان قد قاله العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي خلال مؤتمر صحافي عقده، الأربعاء الماضي، في بنغازي، من أن أموال النفط الليبي تحولت إلى دعم الإرهاب عبر مصرف ليبيا المركزي.

مشيراً إلى قيام محافظ المصرف المركزي بطرابلس، الصديق الكبير، بصرف الأموال إلى الميليشيات والتنظيمات الإرهابية التي هاجمت الهلال النفطي، لافتاً إلى وجود أرقام الحسابات والوثائق التي يتم من خلالها صرف الأموال إلى الإرهابيين.

 الأموال للمعادين للدولة

من جانبه كشف عضو مجلس الدولة بلقاسم قزيط، الأربعاء الماضي، في تصريح لقناة «ليبيا روحها الوطن»، بأن بعض الأموال تتسرب إلى مجموعات معادية لقيام الدولة، مضيفاً أن الفساد في المصرف المركزي مول الصراع في ليبيا خاصة الفساد في الاعتمادات.

كما اتهم عضو مجلس النواب، إدريس المغربي، المصرف المركزي في طرابلس، بإهدار أموال الليبيين وتسليمها للميليشيات الإرهابية، مستشهدًا بتقرير ديوان المحاسبة الذي فضح جميع المتلاعبين بقوت الليبيين.

الميليشيا تسيطر على المصرف المركزي

كما تناول مقال للباحث في الشأن الليبي جيسون باك، أكد خلال مقال له في موقع «المونتيور الأميركي» ﻗﺎﻝ فيه “إنه منذ رحيل معمر القذافي عام 2011 وتحول ليبيا إلى جنة للميليشيات، فإن المجموعات المسلحة التي تسيطر على مبنى المصرف المركزي ومحافظ المصرف المركزي لديها نفوذ أكبر على كيفية إنفاق عائدات الخام مقارنة بالمجموعات المسلحة التي تسيطر فقط على المنشآت النفطية”.

تحرير المصرف المركزي

وإذا كان مفيدًا لليبيين كشف من يتحكم في ثروتهم ويعمل على إفقارهم؛ رغم ثروتهم، عبر وضع النقاط على الحروف، فإن المفيد أكثر هو كيف يمكن تحرير مؤسسات الدولة من هذا الاحتلال؟ حيث لامعني لتحرير الهلال النفطي من إرهاب قوى الإسلام السياسي، طالما بقي المصرف المركزي من مصرف لكل الليبيين؛ إلى مصرف لجماعة الإخوان المسلمين.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا