«أتلانتيك كاونسيل» يدعو لإقامة «نظام لامركزي» في ليبيا

0

دعا مقال نشره موقع المركز الأطلسي الأميركي «أتلانتيك كاونسيل» لإقامة «نظام لامركزي» في ليبيا يتضمن نقل بعض مسؤوليات واختصاصات الحكومة المركزية إلى المجالس والسلطات البلدية، باعتبارها الأقدر على توفير الخدمات العامة والاستجابة لاحتياجات الليبيين مقارنة بالحكومة والبرلمان.

ورأى الباحث الليبي وزميل معهد رفيق الحرير للدراسات، كريم ميزران، والباحثان بالمركز إلسا ميلر وإيميلي تشيس في مقالهم المشترك أن «النهج الحالي المتبع لا يساهم في حل الأزمة أو حل الجمود السياسي الراهن»، داعين إلى نهج جديد ينقل جزءًا من سلطات الحكومة إلى السلطات المحلية المتمثلة في المجالس البلدية والبلديات.

لكن ذلك لا يعني إقامة نظام فيدرالي داخل ليبيا، فهو خيار غير فعَّال، لكنه يعني إنشاء نظام لامركزي يقوم على نقل بعض السلطات والمسؤوليات من الحكومة (المركز) إلى الأطراف (المجالس البلدية والمحليات).

ورأى المقال أن السلطات المحلية هي الأقدر على توفير الخدمات المحلية التي تستجيب لاحتياجات المواطنين، وهذا دليل على الحاجة لإطار قانوني يسمح للبلديات بممارسة سلطات هي حاليًا من اختصاصات الحكومة المركزية.

واستطرد أن ذلك قد يؤتي بثمار إيجابية مقارنة بالنهج الحالي، لكنه أضاف أن: «النظام اللامركزي وتقوية السلطات المحلية يجب أن يكون في إطار إعادة بناء الدولة وتحقيق التوافق الوطني الشامل».

لكنه تساءل هل يمكن تحقيق ذلك قبيل التوصل إلى تسوية سياسية شاملة لحل الصراع الراهن، لافتًا إلى غياب دستور نهائي يوضح بشكل قاطع الواجبات والمسؤوليات لكل جهاز.

وكان استطلاع سابق للرأى أجراه المعهد الجمهوري الدولي الأميركي أظهر تقبل نسبة كبيرة من الليبيين لنقل جزء من السلطة بعيدًا عن الحكومة المركزية إلى السلطات المحلية، إذ يرى 55% من الليبيين أن المجالس البلدية هيئات شرعية، ويعتقد 33% أن المجالس البلدية هي الأطراف الأكثر شرعية والأكثر تمثيلاً للبلديات، وذلك عند مقارنتها بالقيادات القبلية والبرلمان.

وطالبت المجالس البلدية بمساعدات مباشرة من المجتمع الدولي، وحصل البعض، مثل البيضا، على مساعدات من مبادرة شراكة الشرق الأوسط التابعة لوزارة الخارجية الأميركية.

معوقات عدة
ورغم نشاط بعض المجالس المحلية، لفت الباحثون إلى عدة معوقات تعرقل عملها أهمها نقص التمويل من الحكومة المركزية. فغياب المصادر المالية يحد من قدرة البلديات على توفير الخدمات العامة المطلوبة، مما يزيد السخط الشعبي بين المواطنين. وتفتقر المجالس البلدية للخبرات والكفاءة التقنية نتيجة سنوات من انعدام التنظيم المؤسسي في عهد معمر القذافي.

وأوضحت استطلاعات للرأى أن 42% من الليبيين غير راضين على نوعية الخدمات التي تقدمها المجالس البلدية حاليًا.

ومن ناحية أخرى، أشار المقال أيضًا إلى قلة التواصل بين الحكومة الوطنية في طرابلس وبين المجالس البلدية، موضحًا أن «المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني يفتقر للسلطة اللازمة لتنظيم العلاقة بين الدولة والسلطات المحلية».

أضف إلى ذلك تدخل بعض القبائل والمجموعات المسلحة عن طريق خلق مراكز سلطة بديلة تسعى للسيطرة على السياسات المحلية مما يعرقل عمل المجالس البلدية.

وتحدث المقال عن تحدٍ آخر، وهو ضعف السلطة المركزية في ليبيا على مدى عقود وعدم قدرتها على القيام بمهام محددة مثل جمع الضرائب، ولهذا فإن تقوية وتدريب المجالس المحلية على القيام بالمهام التي فشلت الحكومة في تنفيذها يمثل تحديًا آخر.

وتحدث الباحثون عن قانون رقم 59 العام 2012، بشأن نظام الإدارة المحلية، وهو قسم ليبيا إلى بلديات لكل منها مجلس منتخب موزعة على الأقاليم الثلاثة، لكنهم رأوا أن القانون «ضعيف ولا ينص على واجبات واضحة للبلديات، بل ينص على أن الخدمات الرئيسة من تعليم وإسكان ومياه وكهرباء من اختصاصات أجهزة الدولة».

الثروة النفطية
وفيما يخص الثورة النفطية، التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني، رأى الباحثون أن النظام اللامركزي يجب ألا يشمل الصناعة النفطية، موضحين أن الحكومة المركزية يجب أن تتولى مهمة جمع العائدات المالية وإعادة توزيعها بالتساوي بين المجالس البلدية، وبالتالي القضاء على مشكلة التوزيع غير العادل للمنشآت النفطية بالبلاد، ويمكن للمصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط تولى مهمة الإشراف على تلك العملية.

ومن هنا تظهر أزمة أخرى وهي وضع خطة جديدة تضمن التوزيع العادل للعائدات المالية النفطية والحكومية وتنفيذها، إلى جانب تحقيق تنمية اقتصادية في المناطق غير المنتجة للنفط.

«دولة فاشلة»
وحول الوضع السياسي الحالي، اعتبر المقال أن «ليبيا أقرب إلى دولة فاشلة»، موضحًا أن النظام السياسي معطل، والسلطة منقسمة بين مجلس رئاسي وحكومة الوفاق الوطني ومجلس النواب، والنفوذ الحقيقي منقسم بين شبكة من الفصائل المسلحة، كل منها يفرض سيطرته على مساحة من الأراضي.

وتابع: «الحكومة المعترف بها في طرابلس غير قادرة على توسيع نطاق سلطاتها خارج مقر إقامتها، بينما سلطة مجلس النواب محدودة نظرًا لنفوذ قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر».

وفشلت حتى الآن جميع محاولات التوصل إلى اتفاق على مستوى وطني بين الفصائل الرئيسة، رغم جهود الوساطة التي تجريها الأمم المتحدة وبعثتها الخاصة للدعم في ليبيا.

 

لمطالعة الخبر في مصدره اضغط هنا

اترك تعليقا