منظمات: وثيقة صلح مصراتة وتاورغاء.. «ميثاق وصاية واستعمار داخلي» .. «سجن مفتوح»

0

اخبار ليبيا

تم التوقيع على وثيقة الصلح بين مصراته وجزء من تاورغاء، وسط احتفاء وترحيب واسع بما جرى ليبي ودولي، بعد أن استمر تهجير سكان تاورغاء سبعة أعوام.

الاحتفاء كان بمبدأ الصلح؛ بعيدا عن التدقيق في الأسس التي قام عليها الصلح، بعد كل المياه التي جرت في نهر العلاقة بين سكان المدينتين، لكن هناك عن بدأ يسأل عن الأسس التي قام عليها الصلح، وكيف تم ؟وعلى أي أساس؟ على أساس التكافؤ والندية؟ أم بين منتصر ومهزوم؟

وثيقة المصالحة مجافية

مبرر السؤال أن جزءا ذا ثقل نوعي اجتماعي وسياسي من أهل تاورغاء رفضوا التوقيع، ليس اعتراضا على مبدأ الصلح، ولكن رفضا لما احتوته بنود في الوثيقة غير منصفة وأحادية النظرة بالنسبة لأهل تاورغاء، وهو ما كشفت عنه مواقف بعض المنظمات المعنية بحقوق الإنسان وبالمساواة.

المنظمة الليبية لحقوق الانسان رأت أن وثيقة الصلح الموقعة بين مدينتي مصراتة وتاورغاء، الأحد الماضي، ما هي إلا قائمة اشتراطات قدمتها لجنة مصراتة إلى لجنة تاورغاء، موضحة أن الأخيرة وافقت عليها، للظروف التي يعانيها كل أهالي تاورغاء وخاصة الموعودون بالعودة إلى ديارهم من أهالي تاورغاء بمخيم قرارة القطف ومخيم هراوة، والذين أكملوا الشهر الرابع في ظروف إنسانية حرجة.

وأكدت المنظمة الليبية في بيان لها، اليوم الثلاثاء، عن أهمية تطبيق المعايير المحلية والدولية لحقوق الإنسان، وسمو سيادة القانون، في مواجهة ما تم من انتهاكات جسيمة وصارخة لحقوق الإنسان في ملف المدينتين علي وجه التحديد.

من ذلك أن الوثيقة تعرضت للانتهاكات التي ارتكبها شباب من تاورغاء بحق مدينة مصراتة وأهلها المدنيين، ووصفتها بالجرائم ضد الإنسانية، ولم تتعرض للانتهاكات الجسمية التي تعرض لها كل أهالي تاورغاء من قتل وتهجير وسجن وتعذيب ما بعد العام 2011م.

وسجلت اعتذار أهالي تاورغاء عن ما بدر من شبابهم إبان تلك الإحداث من انتهاكات وأضرار بشرية ومادية بالغة الضرر، دون التعرض لما طال تاورغاء من أضرار بشرية ونفسية ومادية جسيمة، واعتبرت الجرائم التي ارتكبها بعض الأفراد أعمال شخصية، وأن القضاء الليبي هو المختص لمواجهة تلك الجرائم دون غيره ، بالنظر في كل المنازعات التي حدثت.

الوثيقة وضعت التزامات لأهالي تاورغاء دون مصراتة في التنسيق في كافة القرارات والمواقف، وعدم الدخول في تحالفات تضر بالمصلحة الوطنية، وعدم إيواء المطلوبين، والتعاون في الكشف عن المفقودين، والمقابر الجماعية، ووقف الحملات الإعلامية.

كما أنها وضعت ترتيبات الدخول إلي تاورغاء تتم من خلال المنطقة العسكرية الوسطي ومديرية أمن مصراتة ، وبالدخول التدريجي ، والتزام الجهات التنفيذية ( المجلس الرئاسي ) بالوفاء ما يترتب علي تنفيذ الاتفاق من تعويضات محدد سابقا ، دون أن تذكر أي ضمانات أو دور لمدينة تاورغاء في ملف الأمن والمحافظة علي التعايش السلمي.

سجن مفتوح

من جانبها وصفت الأمينة العامة لوكالة المدن المتحدة للتعاون الدولي آية السيف ، أن ميثاق الصلح بين تاورغاء ومصراتة الذي تم توقيعه، يوم الأحد ، يعد أقرب إلى ميثاق الوصاية والاستعمار الداخلي منه إلى ميثاق صلح وحسن جوار وهو أشبه “بسجن مفتوح” سيعرض النازحين إلى الاضطهاد .

وأوضحت السيف، في تصريح  صحفي أن بنود الميثاق لا ترقى إلى المبادئ المتعارف عليها في مواثيق الصلح الاجتماعي، مشيرة إلى أن بعض البنود تعد مجحفة و ظالمة خاصة تلك التي نصت على إلغاء بلدية تاورغاء المستقلة واستبدالها بمجلس محلي تابع لمصراته  والذي من شأنه أن يهدد استقرار المنطقة.

وأكدت السيف، أن الميثاق يتعارض مع مبدأ المساواة التي تندرج تحت القانون الدولي الإنساني والقانون الوطني الليبي والشريعة الإسلامية ولا يرتقي إلى أبسط قواعد العدالة وحقوق الإنسان.

وأشارت السيف أن الميثاق تجاهل مجلس الحكماء والشورى والأهالي في قرارة القطف ومؤسسات المجتمع المدني وبلدية تاورغاء الذين أصدروا بيانا ضد مسودة الميثاق باعتبارها لا تنسجم مع العرف في ليبيا في حل النزاعات بين القبائل، إضافة إلى أنه يحجب بوادر الصلح والاستقرار السلمي.

وثيقة ظالمة

أما عضو مجلس النواب عن تاورغاء جاب الله الشيباني فقال إن اتفاق عودة أهالي تاورغاء إلى مدينتهم الذي تم إبرامه مع مدينة مصراتة ظالم من وجهة نظر الكثير من التاورغائيين لأنه لم يعط تاورغاء حقوقها بالكامل بل أعطاها جزءا بسيطا من التعويضات المطلوبة فقط.

وقال الشيباني إن الاتفاق ارتكز على المدة من الـ17 من فبراير عام 2011 وحتى الـ11 من أغسطس عام 2016 ولم يركز على ما حصل بعد هذه المدة من تهجير وظلم للأهالي تاورغاء.

وأكد بأن الأمور سارت في صالح أهالي مدينة مصراتة في وقت تم فيه التحفظ على هذا الأمر وعلى عدم جدية المجتمعين المحلي والدولي في إعادة السكان المهجرين إلى ديارهم.

وأعرب الأكاديمي والناشط السياسي الليبي علام الفلاح عن انتقاده لمقترح وثيقة المصالحة الموقعة بين مصراتة وتاورغاء لأن بنود هذا الاتفاق مجحفة وظالمة، قائلا “إن الليبيين لم يعتادوا على وجود شروط أو بنود مجحفة في أي اتفاق يوقع بين القبائل الليبية والمناطق الليبية في حال حدث نزاع بينها.

الوثيقة

وينص الميثاق الذي وقع بين الجانبين على قيام أهالي تاورغاء بالتنسيق مع مصراتة في كافة المواقف والقرارات ذات المصلحة العامة والمشتركة وعدم الدخول في أي تحالفات تضر بمصلحة الوطن وأمن مدينة مصراتة ومنطقة تاورغاء.

ويقضي الميثاق بقيام أهالي تاورغاء بالعمل على عدم إيواء المطلوبين للعدالة أو المنتمين إلى أي جماعات أو تنظيمات إرهابية أو متطرفة أو ذات توجهات فكرية مشبوهة أو التستر عليهم إلى جانب قيامهم بالتعاون في البحث عن المفقودين والإرشاد إلى مقابرهم وتقديم أي معلومات تساعد في التعرف على مصيرهم وذلك بالتعاون مع الجهات المختصة للبحث عن المقابر الجماعية والمفقودين داخل منطقة تاورغاء إلى جانب العمل على وقف الحملات الإعلامية والتصريحات والبيانات والتظاهرات التي من شأنها تأجيج نار الفتنة على أن يقوم الطرفين باتخاذ كافة التدابير للرد على هذا الموقف.

كما يسمح الميثاق باستمرار المجلس المحلي تاورغاء في ممارسة مهامه بصورة استثنائية ومؤقتة إلى حين اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة من قبل السلطات المعنية لعودة منطقة تاورغاء إلى الوضع الإداري السابق.

وبحسب الميثاق فإن ترتيبات الدخول إلى تاورغاء تجري وفقا لضمان الدخول لمن كانوا مقيمين إقامة

فعلية اعتيادية بمنطقة تاورغاء قبل أحداث فبراير ممن يقرون بما ورد بهذا الميثاق وبنود الاتفاق الموقع بين الطرفين ويتعهدون بالالتزام بما ورد به.

وينص الميثاق على أن تتولى المنطقة العسكرية الوسطى ومديرية أمن مصراتة وضع الترتيبات الأمنية اللازمة لضمان الدخول الأمن على أن يتم الدخول تدريجيا الى المواقع التي تحدد في تقارير رسمية من جهات الاختصاص في مجال البحث عن المفقودين ونزع الألغام إلى جانب التزام الجهات التنفيذية المسؤولة في الدولة الليبية بالإيفاء بما رتبه عليها الاتفاق من التزامات.

ويقضي الميثاق باستمرار العمل بالاتفاق الموقع بين الطرفين في 2016 على أن يتم الالتزام بتنفيذ بنوده وفقا للترتيبات الواردة به ويتم الرجوع لهذا الميثاق في تفسير ما يتم الاختلاف عليه من مواد الاتفاق.

الوثيقة لا تخدم أسس المصالحة

ولذلك رفض رئيس مجلس الحكماء والشورى بمدينة تاورغاء العايش قليوان، توقيع ميثاق الصلح «تاورغاء-مصراتة».

 

وقال قليوان إنه لا يوجد أي خلاف بين المجلس وبين أي طرف من مصراتة، موضحا أن أسباب رفض توقيع الميثاق هي أن بنود   المسودة لا تخدم ولا ترتقي لأن تكون أسس للمصالحة بين مدينتي مصراتة وتاورغاء، مؤكدا أن أهالي تاورغاء والمجلس تنادوا في عدة اجتماعات وأعلنوا رفضهم لمسودة ميثاق الصلح بشكلها الحالي.

كما أكد قليوان أن ما يحدث اليوم من توقيع اتفاق المصالحة بين المدينتين لا يمثل المجلس والمجلس ليس طرفا فيه، قائلا «إنه تم إبلاغ رئيس المجلس المحلي عبدالرحمن الشكشاك برفض مجلس الحكماء والشورى لميثاق الصلح».

ليست مثلا يحتذى

لا أحد يمكن أن يعترض على مبدأ الصلح بين المكونات الاجتماعية في ليبيا ، قبائل أو مدن، لكن بعض بنود وثيقة الصلح الذي وقع بين جزء  من تاورغاء ومصراته في صيغتها النهائية ، من غير المتوقع أن تكون مثلا يحتذى بين المدن والقبائل في ليبيا، لما فيها من إجحاف ومغالبة.

ولذلك بدت لدى البعض وكأنها نوع من الوصاية من مصراته على تاورغاء، وهو السبب الذي جعل مكونات أساسية من تاورغاء تطالب بتصويب نصوص الوثيقة كشرط للمشاركة في التوقيع.

إذاً هل يمكن القول أن ما جرى من توقيع هو نصف حل ؟ وإلى أي مدي سيصمد؟ ومتى سيأتي الحل الكامل؟.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا