غضب شعبي سببه تقرير ديوان المحاسبة.. وخبراء: نقطة في بحر الفساد

0

اخبار ليبيا:

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بحالة من السخط والغضب والصدمة ، على ما وصل إليه حال ليبيا في ظل الحكومات القائمة جراء حالة العبث بمقدراتهم؛ على خلفية تقرير ديوان المحاسبة، الذي جاء مظهرا لكل هذا الكم من “العفن بمعناه المالي والقانوني والجنائي وحتى الأخلاقي”، الذي فاق كل تصور وشكل صدمة حقيقية لليبيين الذين يعانون شظف العيش في دولة غنية، فيما ينعم النّهابون في خيراتها.

أكبر من فساد
قد يختلف البعض حول توصيف ما يجري في ليبيا؛ نتيجة أن الأمر يتم على المكشوف وعلى رؤوس الأشهاد، رغم أن منظمة الشفافية الدولية الصادر في فبراير 2018 عن الفساد للعام 2017 قد شخصت وضع ليبيا على أنها من أكثر الدول فسادا في العالم.

وبحسب مؤشر مدركات الفساد فقد جاءت ليبيا في المرتبة 171 عالميًا من أصل 180 دولة إذ نالت 17 نقطة.
غير مبعوث الأمم المتحدة رئيس بعثتها للدعم في ليبيا، غسان سلامة، لا يعتبر ما تعانيه ليبيا هو الفساد، ولكنه حسب رأيه الذي قاله خلال لقاء تلفزيوني أجراه المبعوث الأممي غسان سلامة مع قناة «218 نيوز» يوم 23 ديسمبر 2017 أن «ما يحدث في ليبيا ليس فسادًا، وإنما نهبٌ ممنهجٌ لمالية الدولة» مشيرًا إلى أنَّ هناك «أطرافًا دولية تشارك بالنهب» المتواصل للمال الليبي.

استغراب وأسف
ومن تجليات التعبير عن حالة الغضب التي ألقت بثقلها على الليبيين جراء تقرير ديوان المحاسبة، أصدرت المنظمة الليبية للسلم والإغاثة بيانا حول ما ورد بتقرير ديوان المحاسبة (الرقابة المالية) حول المصروفات التي خصصت لتجهيزات مكتبية لأعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق عبرت فيه عن استغرابها وأسفها عن مقدار الصرف المبالغ فيه لمكاتب هي مجهزة أصلا بحسب البيان.

ودانت المنظمة بشدة هذا العبث بالمال العام، مطالبة الجهات الرقابية بمحاسبة المسؤولين عنه وفتح تحقيق على أعلى مستوى لمحاسبتهم.
وأكدت أن هذه التجهيزات الفخمة لأعضاء الرئاسي لا طائل منها، كما أنها تنم على غياب كامل للمسئولية الأخلاقية في الوقت الذي يسعي فيه الجميع إلى جمع المال من أجل تقديم المساعدات للنازحين و المحتاجين من الأسر الليبية في ظل الأوضاع الراهنة في مختلف ربوع البلاد.
وشددت على أهمية وضع معايير رقابية للصرف و تحديد أوجه الصرف و التصرف.

جريمة موصوفة
وأعرب الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا ”عبد المنعم الحر” عن انزعاجه مما ورد في تقرير ديوان المحاسبة، معتبرا إياه أمر خطير يتمثل في إهدار المال العام ويستلزم التحقيق فيه.

ودعا ”الحر” في تصريح صحفي، ديوان المحاسبة إلى إرسال نسخة من التقرير للمنظمة الدولية لمكافحة الفساد، قائلا ”علينا العمل على فضح كل من تشوب إدارته عمليات فساد”.

وتابع: ”هذه جرائم بحق المال العام لا تسقط بالتقادم ويفتح فيها التحقيق يوما ما”.
مشيرا إلى أن فعالية رصدها تمت من قبل جهاز له شرعية ومن قبل مختصين وأدان الحر، العبث بمقدرات الدولة الليبية.
وتساءل الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا، ”من الأحق بالمحاكمة نظام القذافي الذي ترك 400 مليار بخزائن الدولة الليبية أم هؤلاء الذين استنزفوا أموال الدولة الليبية؟” وأستطرد ”سؤال بحاجة إلى تفعيل العدالة لا القوانين الجائرة…. فقوانيننا ليست معيارا للعدالة هنا.

المناصب للإثراء
واستنكر رئيس مجلس أعيان وحكماء ليبيا، محمد المبشر، حجم الفساد الذي ورد بتقرير ديوان المحاسبة في عدد من المؤسسات و الذي نخر بجسده في مفاصل الدولة وتسبب في زيادة هشاشتها و انهيارها.

وقال المبشر، اليوم الخميس، في تدوينه له على موقع التواصل الاجتماعي ” الفيس بوك”، أن المناصب في ليبيا باتت الطريق الأمثل والأسرع للوصول إلى الثراء الأمر الذي تسبب في تواطؤ المسئولين مع الفاسدين.

نهب وليس فساد
وقال عضو مجلس الدولة، حسن حبيب بأن الفساد ليس بالشيء الجديد إلا أن ما حدث خلال الفترة القليلة الماضية يعتبر نهباً للمال العام وليس مجرد فساد إداري.

فساد مستشري
واعتبر الخبير الاقتصادي مختار الجديد، أن الفساد في ليبيا مستشري بشكل كبير ولا يمكن احتواءه بتقرير واحد ولا حتى بـ2000 صفحة، مبينا أن ما جاء في تقرير ديوان المحاسبة مجرد عينات من الفساد، موضحا أن للفساد أوجه عديدة، منها الفساد المتعلق بالمال العام للدولة، والإنفاق الحكومي، والفساد المرتبط بمصرف ليبيا المركزي.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن المشكلة الحقيقية في ليبيا تكمن بغياب السلطة التشريعية نتيجة الانقسام السياسي، موضحاً أن ديوان المحاسبة يتبع السلطة التشريعية والتي بإمكانها أخذ الخطوات اللازمة للحد من الفساد المالي والإداري.

يشار إلى أن ديوان المحاسبة أصدر مساء أمس الأربعاء، تقريرا مفصلا يكشف فيه حجم الفساد في مفاصل الدولة الأساسية سواء الحكومة المؤقتة او حكومة الوفاق او القطاع النفطي فضلا عن عدد من المؤسسات السيادية الهامة حيث أظهر التجاوزات والمخالفات للاستيلاء على النقد الأجنبي بالتوريدات الوهمية ورسوم التحصيل بالإضافة إلى أن الحكومة المؤقتة رفعت الدين العام 15 مليار دينار، فضلا عن كشف إهدار داخلية ودفاع الوفاق” المليارات من أموال الليبيين.

الاستقالة كحد أدنى
تقرير ديوان المحاسبة عن عملية النهب الممنهج ، يكاد يشمل كل الإدارات في ليبيا، وهي في القانون جرائم يجب ملاحقة المتورطين فيها، ومنعهم من مزاولة أعمالهم حتى يبت القضاء في ذلك، ولعل الحد الأدنى المطلوب في مثل هذا الظرف وحتى ذلك الحين، ارتباطا بمبدأ النزاهة الفكرية والأخلاقية، هو أن يبادر هؤلاء الذين طالهم تقرير ديوان المحاسبة بتقديم استقالاتهم احتراما لمشاعر الليبيين المصدومين من هول ما سمعوا.

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة المتوسط

اترك تعليقا