كل انتخابات وأنتم بخير!

0

أحمد الفيتوري

لو مرت سنة من دون حصار أرتاب، وأتساءل هل صرت دجينا لا يقلق أحد. شعر: حلمى سالم

1-

أكتب الساعة الواحدة من صباح الاثنين الأول من يناير 2018م وكلي أمل، وما مر عام إلا واحتفلت بالعام الجديد، صبيا كنت في حي الصابري بمدينة بنغازي، أو شابا في زنزانة فردية وجماعية في سجون القذافي في الحصان الأسود و “بوسليم”، أو كهلا طليقا في سجون ليبيا حتى ليلة أول يناير 2011م، ثم ليلة أول يناير 2012م يوم أطلق سراح البلاد، وليلة ميلاد سنة 2015 الكبيسة وحتى سنة 2017 م التي ولت كسنة عصيبة، خلقت بروح مسكونة بالأمل، والحياة أكسجينها الأمل.

لو تأملت العام المنصرم لوجدته ختاما لما ختم به عام 2014م – في كل العالم- الذي دشن بحرب دعيت بـ “داعش” كما أنهي العام الفائت بالنصر في هذه الحرب. وانتهى العام ومدينتي بنغازي كما العالم تسترد أنفاسها من حرب فرضت عليها منذ 17فبراير 2011م وحتى نهاية السنة الفائتة.

لو استشرفت العام الجديد 2018م لرأيت الانتخابات التي تبدو كما حرب نهاية سنة 2014 قدرا لا مناص منه، والغريب أن تكون 2018 م كما موعد مضروب في بطن الشاعر بالنسبة للمنطقة، ابتداء بلبنان ما مجلس نوابه يمدد لنفسه منذ عقد من الزمان وصولا إلى المنتصر على داعش نهاية 2017م العراق، إضافة الى الانتخابات الرئاسية المستحقة في مصر ثم تونس، وهكذا هذا العام الجديد عام تجديد – كما يبدو- فعلى الأقل هكذا مظهره.

2-

الانتخابات الليبية ستأتي كما هو مفترض هذا العام عقب انتخابات ثلاثة فهي بهذا كما حامل لوائها تأتي كمحلل لعودة الدولة بعد تشرذمها، إثر حرب نتائجها كعادة الحرب الأهلية في الكون: لا غالب ولا مغلوب. وتأتي أيضا بـ “الوفاق” ما عزَ حين وجب، والوفاق عادة يجب ما قبله ويكون وجه القبول بما بعده.

ومن ذا ومن أنه فرض عين قادر على فرضه القادر فإن الانتخابات كما أنها نتاج حرب فإنها حلَ قدري مصمت نتاجه كما الحرب، أي أن صندوق الاقتراع منذ اللحظة مليء بالأصوات التي تصدح بأن لا غالب ولا مغلوب، فما المتوقع غير محاصصة يفرضها الواقع على الأرض.

الأرض الحبلى بجنين الحرب الأهلية التي قسمت العباد والبلاد، وهذا ما يحتم التداعي إلى الانتخابات كطريقة إلى السلام ليس إلا، لأن السلام عزيز على كل الليبيين المكلومين ولأنه بات كما الخبز الذي به يحيا الإنسان، رغم أن المرء يتذكر مع مطلع سنة الميلاد 2018 قولة المسيح عليه السلام: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. لكن كتبت على الليبيين خطوات ومن كتبت عليه خطى مشاها، فما بالك من كانت خطاه في الحرب التي كتب أن نتائجها السلم وحسب.

3-

زملاء كثر كتبوا تحفظا على القادم ما لا مناص منه، ومنهم الأساتذة رجب المسلاتي ومالك بوشهيوة وعلى شعيب، من رأوا ما نرى: أن النتائج وضعت مسبقة بحكم المدافع التي سكتت. لكن هذا في الأخير ليس معطى ليبيا خالصا، بل هو حكم محكمة الحرب الأهلية وقانونها الذي مهمة القضاة تنفيذه، دستور كل حرب تثبيت الوقائع التي لا محل لتجاوزها. غير أن الانسان خلق من أجل أن يكون في الإمكان أبدع مما كان، وبهذا اخترق قانون الجاذبية فطار ولو ميكانيكيا وديناميكيا، ولقد سبق الليبيون فاخترقوا قانون الحتمية في انتخاباتهم السابقة وبذلكم كأنهم يتحققون من قولة أرسطو الشهيرة: من ليبيا يأتي الجديد:

أولا: جديد الليبيين هذا العام الجديد أن ينجحوا في تحقيق الوفاق بالانتخابات، وإن تم ذا فهذا خرق لجاذبية الحرب وحتومها…

ثانيا: أن يقبل الليبيون بخلافاتهم واختلافاتهم بالنتائج كما قبلوا بالمقدمات، التي ليست سهلة بل إنها عصيبة فهي مخرج من ورطة التحارب ومصائبها…

صندوق الانتخابات كما خبروا فيما تقدم ليس عصا سحرية بل أنه وسيلة إنسانية لا مثيل لها حتى الآن في تطوير وسائل الحرب من التعارك بالأيدي إلى التعارك بالعيون

ثالثا: أن صندوق الانتخابات كما خبروا فيما تقدم ليس عصا سحرية بل أنه وسيلة إنسانية لا مثيل لها حتى الآن في تطوير وسائل الحرب من التعارك بالأيدي إلى التعارك بالعيون، وحسبك هي نقلة تكف الدم وتجعل النظر طريقة وطريقا…

لو أن هذا الثالوث، حكم خارطة الطريق التي وسمتها الحرب على جلود الليبيين للخروج من بوتقتها والدخول في بوتقة السلام، فإنه أمام الليبيين الكثير من أجل السلام الذي هو كما النصر عواقبه أصعب مراسا وفعلا.

وعليه فإن عام 2018 م ببشائره أنه ما بعد داعش التي تبدو كما قبلها إرادة دولية إقليمية محلية، متى ما توفر ذلك ستكون الانتخابات حتمية، ما رأينا أنه بالإمكان خرقها بالإرادة الإنسانية التي أجهدتها الحروب لكن كما لوعتها أكسبتها المثابرة.

ليس من السهل على المرء الحياة كما الموت، وفي هذا البشر كما شعراء يحملون في وجدانهم أحلامهم كما مرادهم ما ليس منه بد.. وبعد فإن هناك زيادة تخص ما سمي المؤتمر الوطني الجامع، ما يجهد المندوب الأممي السامي نفسه من أجله، ما تؤيد جامعة الدول العربية، ما أرى أنه وجه القبول للانتخابات.

وهو في ظاهره من لزوم ما لا يلزم لكن في باطنه إن عقد فسيكون جَبَّ ما قبله، ولذا هذا العام هناك فرض عين الانتخابات، وهناك الفرض ما خارج النقاش المؤتمر الوطني الجامع وهما كما مترادفان لمعنى واحد ما بعد المرحلة الداعشية: السلام.

وكل انتخابات وأنتم بخير.

 

 

يمكنك قراءة الخبر في مصدره صحيفة بوابة الوسط

اترك تعليقا