أيها الليبيون.. من هو الليبي الأكثر حظّا؟

0

في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ ليبيا، يقف الشاب “العشريني” مشدوها وعاجزا إلا عن الحياة بالمعنى “البيولوجي” للكلمة، فيأكل ويتنفّس ويعيش في أحلك الظروف، يوجه نظرةً حالمة لطفلٍ ولد للتو، ولسان حاله يقول: لعلّ الحياة ستفتح ذراعيها لهذا الطفل يوما، وسيزور الفرح قلبه الصغير مع مرور سنوات عمره، هذا الطفل إذاً هو الأكثر حظا في هذا الوطن الذي يتقاسم فيه الجميع رغيف الخبز، لتجعله الظروف يغمسه “بحري الطبيخة”، في حين ينفرد البعض الآخر بـ”الطبيخة” كلها دون أن يُبقي منها شيئا للآخرين، ولعل الطفل الذي يولد تحت سماء ليبيا لو نطق لما توقّف عن الصّراخ في وجه والديه الّذَين أنجباه ليكون رقما جديدا يُضاف إلى قائمة هذا الشعب الماضي إلى المجهول.
وفي زاويةٍ أخرى من المشهد، يقف ليبي “ثمانيني” وهو يندب حظّه الذي جعله رقما في كل الطوابير التي اصطفّت في طول البلاد وعرضها، منذ أن كانت تتلوّى على أبواب “الجمعيات الاستهلاكية”، وحتى تشكّلت أمام المصارف والمخابز و”الشيلات” لتستجدي الحقوق الضائعة والكرامة المهدرة في كلا الزمنين، “سبتمبر”الذي عاشه على أمل التغيير للأفضل، و”فبراير” الذي يعيشه على أملٍ يجهله.
فهل هذا “الثمانيني” هو الأسوأ حظا بين الجميع فعلا كما يعتقد؟
المعطيات هنا كثيرة، ولا أحد يستطيع التنبؤ بما قد تخبئه لنا فوهة البركان المسمّاة “ليبيا”، ولن نعرف حقا من هو الأسوأ حظا بين الجميع، فالأطفال ولدوا من رحم المأساة، ليجدوا أنفسهم في دوامة قد لا تنتهي تبعاتها قريبا، وليختبروا “الفاقة” في سن مبكرة، ليجف الحليب من الأسواق، وتصبح اللقاحات محكومة بزمن اندلاع الاشتباكات، أما “الشباب” فقد وجدوا أنفسهم في قلب “رحى” تديرها الأحداث، فتأخذهم إلى أطرافها لتُجنبهم السحق أحيانا، وتُطيح بهم في قلبها لتسحقهم بلا هوادة أحيانا أخرى.
أما من اشتعلت رؤوسهم شيبا، ومن عاشوا ثلاثة فصولٍ مختلفة من المأساة الليبية، فإنهم ضحايا هذا الوجع، و ما أكثر من رحل منهم دون أن يرى ابتسامة واحدة على مُحيا العمر، و ما أكثر من سيرحل من كل الأعمار، حاملا معه أحلامه التي لن تتحقّق وأحلام من سبقوه، وسنأمل دائما أن تتحول كل هذه الحمم الحارقة إلى “تربة” هي الأكثر عطاءً على هذا الكوكب.

 

لقراءة المقال كاملا ارجوا مطالعة المصدر 

اترك تعليقا