لم تبق وما تمددت..

0

فرج عبدالسلام

لا يزال يتردد في ذهني صدى مثَلٍ قديم يقول، “إن الحكمة هي عامود الدين.” وبالتالي ترسّخ في أذهاننا أنه إذا غابت الحكمة عن أي دين فإنه يفقد أهم مقوماته. من نافل القول أن نردد أيضا حكمةً قديمة مفادها “أن ما بُني على باطلٍ فهو باطل” وستبقى هذه الحكمة “المنطق” صالحة لكل زمان ومكان ما بقيت الدنيا.

لقد صدّع أصحاب تلك الفئةِ رؤوسنا وشوّهوا كل جميل وإنساني من خلال ترديد مقولتهم الباطلة “الدولة الإسلامية باقية وتتمدد.” والأسوأ أن مقولتهم اقترنت بأفعال قبيحة لا مجال لحصرها قدمت أسوأ صورة عن الإسلام، ليس للآخرين فحسب بل لأبنائه أيضا. وقد رأينا رأي العين، وبالدليل والبرهان كيف أن “دولتهم” المزعومة، ولأنها بُنيت على باطل، لم تبق ولم تتمدد، وإنما انكمشت وفي طريقها للاندثار، ولأن تُذكر في كتب التاريخ كواحدة من أسوأ الحركات الهدامة التي مرت بالمسلمين … لم تكن دولة الظلم المسماة “داعش” باقية إلاّ في عقولهم البائسة التي لحسها شيوخ الفضائيات، ودهاقنة زوايا الخلوات المظلمة الذين استمرؤوا إفساد العقول الغضة باسم الدين، ودمرتها كتبٌ ملوِّثة للفكر خرجت علينا من بطن التاريخ السيئ الصيت.

في بلادنا المنكوبة بالذات في عقول أبنائها، رأينا كيف يقوم صبيةٌ بالكاد بلغوا سن الحلم، بترديد هذه المقولة، أو كتابتها على الجدران بلغة مغلوطة يبدو أنهم لا يفهمون منها شيئا، لأنهم لو فعلوا لفهموا دينهم بطريقة مغايرة، ولأحجموا عن تدمير أنفسهم ووطنهم. ولامتنعوا عن الارتهان لتراث مرتبك عليهِ أكثر ممّا له.

بعد ما ظهر من قطع رأس الأفعى الشريرة في موطنها الذي ترعرعت فيه، وبعد هذا الاندحار الجزئي لهذه الفكرة الشيطانية التي نبتت في أذهان عقول غضة في بلادنا، لن تكون الأمور سهلة، بل سيكون الطريق معبدا بالأشواك لإعادة التوازن المجتمعي والأخلاقي الذي تفكك ودُمّر أحيانا، خلال مرحلة طغيان هؤلاء الذي يرددون دوما أنهم جاؤوا لأهلهم بالذبح “يا لطيف!”… بعد أن تبرد الرؤوس قليلا سيكون على أهل “الحكمة” أن ينظروا في كيفية إبعاد فئة الشباب عن التطرف الديني بل العمل على أن تُزرع في أذهانهم مقولة من قبيل، “جئناكم بالخير، والنماء، والمحبة، والأخوّة الإنسانية، ورفعة الأوطان.”

يمكنك قراءة الخبر في مصدره

اترك تعليقا